باتت المشروعات التي تشهدها شوارع رئيسية بمدينة جدة، تشكل هما إضافيا على ساكني الأحياء والمواقع التجارية وحركة المركبات، في وقت أضافت هذه المشروعات عوائق جديدة ومشكلات إضافية لمشكلات الاختناقات المرورية والازدحام في مدينة تعج بحركة مئات الآلاف من السيارات يوميا على طرق تتوقف الحركة فيها إجباريا أوقات الذروة، ما يؤخر الموظفين عن أعمالهم، وينعكس على الحالة المزاجية لقائدي المركبات، وأصبح مع ذلك لا غرابة في أن تنتهي بعض حالات الازدحام بحالات مشاجرة وحوادث صغيرة قد تفضي إلى عراك بالأيدي. اختناق يومي تخضع الأحياء الواقعة جنوبجدة لعمليات إعادة تأهيل تخطيطي وخدمي، وأثبتت المعاينات الميدانية أنها تحتاج إلى العديد من خدمات الصرف الصحي، وإعادة السفلتة وفتح طرق بديلة، وتوفير هيكلة جديدة لبنيتها التحتية. أما في الشمال، فالوضع مختلف، فأحياء توصف بالراقية حسب تصنيفها، تختنق يوميا بالازدحام، ويستيقظ سكانها على أعمال المعدات وعلى أصوات آليات تنفيذ مشروعات الجسور والكباري، وتحوّلت شوارع الأحياء الضيقة إلى أخرى بديلة يسلكها قائدو سيارات الأجرة والموظفون المتأخرون عن أعمالهم، وقائدو الشاحنات وموزعو المواد الغذائية؛ هربا من الازدحام والاختناق على الطرق السريعة. أحياء تتحول لشوارع يؤكد جمعان الزهراني، من سكان حي الصفا، أنه لم يعد يستطيع إيقاف سيارته أمام منزله لأنه تفاجأ بأن الشارع الذي أمام منزله تحول إلى طريق بديل ومزدحم بالسيارات، لأن الأهالي يلجؤون إليه؛ إذ إن شارعي التحلية والستين يخضعان لعمليات صيانة ومشروعات جسور في وقت لا توجد في جدة طرق بديلة تحتوي اختناقها المروري وازدحامها، ولكل ذلك آثر الزهراني أن يوقف سيارته في موقف آخر آمن؛ لأن جاره تفاجأ بأن سيارته تعرضت لحادث جانبي وهي أمام العمارة السكنية التي يقطنون فيها نتيجة ازدحام السيارات. وأوضح فهد الثقفي، من سكان حي الصفا، أن الازدحام في الحي أصبح علامة فارقة، وازداد مع فتح مشروعات على الطرق الرئيسية، ما حوّل الأحياء إلى شوارع رئيسية حتى إنهم لا يستطيعون النوم ليلا من شدة إزعاج السيارات. ولفت حمود الشمراني إلى جانب آخر في حي الفيصلية، بقوله: إنهم لم يعودوا يسمحون لأبنائهم بالخروج إلى المحال التجارية لجلب الأغراض، كما كان في السابق، لأن الوضع أصبح مختلفا وارتفعت حدّة الازدحام والحوادث حتى داخل الأحياء، نتيجة كثرة مشروعات الصيانة التي تجبر قائدي السيارات على التوجه لطرق بديلة. مشاكل اقتصادية ويؤكد إقبال محمد، سائق سيارة أجرة، أن الدخل انخفض لديه ولدى العديد من زملائه نتيجة استهلاك سياراتهم لكميات إضافية من الوقود بسبب توجههم للطرق البديلة في شمال جدة عبر أحياء أخرى لا يعرفونها مسبقا، مشيرا إلى أن بعض الزبائن يكونون مستعجلين ويشتكون من الازدحام الكبير في الشوارع، إضافة إلى أنه كان حاضرا للعديد من المشكلات والمشاجرات في الشوارع نتيجة الازدحام، أو حوادث بين المركبات. ويشير عامل في إحدى الأسواق المركزية الواقعة على شارع التحلية إلى أن أرباح السوق انخفضت بشكل كبير نتيجة ضيق الشارع المجاور للسوق الذي أصبح طريقا بديلا للشارع الرئيسي الذي يخضع لعملية إنشاء جسور وصيانة، مؤكدا أنه وزملاءه في المحال الأخرى لحقتهم خسائر كبيرة نتيجة المشروعات المختلفة. مشاجرات تعكّر المزاج ومن جانب آخر، يؤكد أحد أفراد المرور العاملين قرب تقاطع شارع الأربعين مع شارع التحلية، أن هناك مشاجرات تتم أحيانا بين السائقين عند حدوث حوادث، على الرغم من أنها عادة ما تكون حوادث اصطدام من الخلف، إلا أن البعض يقل صبره مع الازدحام ويتعكّر مزاجه من الاختناق المروري الذي ينعكس على أخلاق فئة من الأشخاص، خصوصا من يكون مستعجلا. ويقول “س. الشهري”: إنه ظل يفكر على مدى أسبوع في اختراع طريق بديل لشارع الستين الذي يخضع لأعمال صيانة، كونه يعمل في شركة بشمال جدة ودوامه يوميا منذ الساعة السابعة والنصف صباحا، فيضطر إلى الاستيقاظ مبكرا لأنه يسكن في جنوبجدة، ودائما يتفاجأ بازدحام غير معقول واختناق مروري فجائي، ما يضطره إلى سلوك طرق بديلة أخرى فيدخل في ازدحام آخر. وأضاف أنه اضطر يوما لتخصيص ثلاث ساعات من وقته مساء ليجد طريقا ميسرا يسهل انتقاله إلى عمله من دون تأخير، لأنه حصل على حسم من راتبه نتيجة تأخره عن الدوام. وأشار أحد زملائه إلى أن المشكلة أحيانا تتضاعف عندما تكون هنالك حالة إسعافية، فنجد أن سيارات الإسعاف تتأخر طويلا في توصيل المصابين أو مباشرة الحوادث الأخرى، وهذه مشكلة كبرى، إضافة إلى أن بعض الأهالي يكون لديهم حالة مرضية أو موعد في مستشفى، فقد يفوتهم الموعد ولا يستطيعون الحصول على موعد آخر إلا بعد فترة، وقد تكون الحالة المرضية بحاجة عاجلة إلى العلاج، وهذه النقطة تعد من أكبر المشاكل المتعلقة بالازدحام.