يتكرر وقوع الكثير من حالات انتحال شخصية رجل أمن في مختلف المناطق.. صحيح أنه يتم القبض على منتحلي صفة رجل الأمن، وتتم محاكمتهم.. لكن في كل الأحوال، تبقى جريمة انتحال تلك الصفة، جريمة خطيرة سهل ارتكابها، ولا تكلف مرتكبها سوى جهاز أو اثنين من أجهزة الهاتف اللاسلكية، التي تستخدمها الشركات والمؤسسات، بل والأفراد؛ ليتم إيهام المعتدى عليهم، بأنها أجهزة تخص «جهة أمنية ما».. وأحيانا تقع الجريمة بملابس عسكرية أمنية من السهل الحصول عليها، بمبلغ لا يتجاوز 170 ريالا. أما الضحايا فهم في الغالب من الوافدين غير السعوديين.. واللافت للنظر في هوية الضحايا الذين يقعون فريسة سهلة لمنتحلي صفة رجال الأمن، أنهم غالبا، وافدون غير مقيمين نظاميا.. وهؤلاء ما إن يواجهون موقفا كهذا حتى يسيطر عليهم الخوف من المواجهة، والرهبة من الذهاب إلى المخافر، أو إلى إدارات الترحيل.. والتشبث بالبقاء على أي حال؛ للارتزاق بشكل غير نظامي؛ ما يدفعهم إلى دفع (الإتاوة) بلا تردد.. فالمهم لديهم هو عدم التوقيف ومن ثم عدم الترحيل. منتحلون.. لكن؟! ليس الغريب أن يكون منتحلو شخصية رجال الأمن، سعوديين باعتبار أن الشخصية المُنتحلة سعودية.. لكن الغريب أن يكون فيهم جنسيات أخرى تغلَّب بعض أفرادها على عائق اللغة، ولو إلى حدّ ما.. ولعل التغلب الجزئي على عائق اللغة يعد كافيا، في ظل أن المستهدفين في الغالب لا يجيدون العربية.. ففي كثير من حالات الانتحال التي رصدت، بخاصة في جدة ومكة، اتضح أن المنتحلين هم من جنسيات إفريقية وباكستانية.. وقد وصل الحال بأحدهم لأن ينتحل شخصية ضابط مباحث، مستخدما بطاقة مفقودة لضابط مباحث، بعد أن استبدل صورته.. وبلغت الجرأة بهؤلاء المنتحلين، إلى نصب نقاط تفتيش يتم فيها الاستيلاء على ما بحوزة المعتدى عليهم من أموال.. وقد اتخذت في غالبية صورها إجراء مداهمة تمثيلية، ومن ثم تفتيش مساكن محددة سلفا لديهم، معروف أن بها عمالة وافدة تقيم بشكل غير نظامي. قصص من المداهمات مكي العلوي من سكان حي البقوم (جدة)، الذي تسكنه عمالة وافدة من الجنسيات كافة، يتذكر حادثة النصب والاحتيال والمداهمة التي باشرها بعض هؤلاء المنتحلين في منزل مجاور لمسكنه، ويقول: « اختاروا التوقيت المناسب، بعد تحديد هدفهم بوضوح، المتمثل في مجموعة من الوافدين الأندونيسيين غير المقيمين نظاميا.. في ليلة المداهمة وصلوا إلى الموقع في سيارتين، ثم أخذوا في طرق باب المنزل، وبعد دقائق معدودات خرجوا ب(الغلة)، من دون اصطحاب أي مخالف، الأمر الذي زاد الشكوك حولهم؛ لتتضح النهاية المأساوية، وهي أن الوافدين تعرضوا لنصب من قبل هؤلاء » . 50 ألف ريال فيما يروي مقيم يمني كيف أن اثنين زعما أنهما من مكافحة المخدرات، هجما عليه في سكنه. ويوضح: « يبدو أنهما عرفا بوجود مبلغ مالي لدي، بأي طريقة كانت، حيث فوجئت بطرق قوي على الباب، لأفاجأ باثنين من الشباب السعوديين، يزعمان أنهما من مكافحة المخدرات » . ويضيف: « لم يكونا بلباس عسكري.. كان بيد أحدهما جهاز.. أخذا يفتشان، ووصلا إلى شنطة كان بها مبلغ مالي يقارب ال50 ألف ريال.. أخذاه وغادرا بعد أن اعتديا عليّ بالضرب، وكان من أهداف الضرب ألا أتابع مغادرتهما، وأعرف سيارتهما التي يستخدمانها » . صفعات إفريقية ويروي مقيم بنجالي يسكن في حي الشرفية بجدة، حيث بلاغه مسجل هناك، حادثة الاعتداء عليه من قبل اثنين من ذوي البشرة السمراء، يلبسان ملابس سعودية، عرفا أنه بمفرده في السكن، فهجما عليه وطلبا منه الإقامة والأوراق الثبوتية. ويقول: « عندما أخرجت المحفظة، قاما على الفور بانتزاعها وتفتيشها، حيث كان فيها مبلغ يتراوح بين 400 و500 ريال.. أخذا المبلغ وأنهيا الموقف ببضع صفعات ولكمات لي، ورميا إقامتى لي، وغادرا » . ويذكر، أنه « تم القبض عليهما، واتضح لاحقا أنهما من جنسية إفريقية، وأنهما يسكنان الحي نفسه، وأن لهما سوابق في هذا المجال وبالطريقة نفسها » .