عاد الحديث عن جسر الملك فهد الذي يربط بين مملكتي البحرين والسعودية إلى الواجهة، بعد أن حذَّّر عبدالحكيم الشمري عضو مجلس إدارة غرفة البحرين، في تصريحات صحافية من "انهيار" الجسر، بسبب طابور الشاحنات المحملة بالبضائع العابرة من الجانبين، الذي يصل في بعض الأحيان إلى مسافة خمسة كيلومترات. وقد أخرج هذا التصريح مؤسسة الجسر، المسؤولة عن إدارة جسر الملك فهد، عن صمتها، وهي التي طالما كانت بعيدة عن إصدار التعليقات على كثير من الانتقادات التي توجه إليها. إلا أن عبدالحكيم الشمري الذي سبق له الترشح للانتخابات البرلمانية في البحرين عام 2006 بإحدى دوائر العاصمة البحرينية المنامة قبل أن يخسر في الجولة الفاصلة، نفى في تصريحات صحافية جديدة ما نسب إليه. لكن هذه التصريحات المتناقضة شكَّلت مادة دسمة للصحف السعودية، التي أولت مسألة "الانهيار" اهتماما خاصا. وفي المشهد البحريني، لا تبدو تصريحات عبدالحكيم الشمري جديدة، حيث إنه دأب منذ زمن بعيد على التحذير من تأثر هياكل الجسر؛ بسبب وقوف عشرات الشاحنات المحملة بمئات الأطنان من البضائع لمدة تصل إلى ثلاثة أيام في بعض الأحيان. وردا على تلك التصريحات؛ أكد مهندسون مختصون، أنه لا خطر على الجسر الذي صُمّم ليتحمل ضغط الأثقال.. لكنهم يرون أنه يمكن زيادة العمر الافتراضي للجسر، من خلال التخفيف من الضغط الحاصل عليه، بتسريع عملية تخليص معاملات الشاحنات والقاطرات التجارية، التي تحمل مئات الأطنان في كل مرة تعبر فيها بين البلدين. عمر الشباب وبينما يقترب الجسر من إنهاء عامه ال24، قالت مؤسسة الجسر في بيان رسمي: "إن البنية الأساسية لجسر الملك فهد سليمة، ولم يعترِ أيا من مكوناتها، سواء في الجسور أو الردميات أي ملاحظات تستوجب اتخاذ إجراءات خاصة". وأضاف البيان: إن الجسر "يحظى بعملية تشغيل وصيانة وفحص من قبل كبرى الشركات العالمية المتخصصة في مجاله، وبمتابعة من قبل إدارة فحص الجسور بالمؤسسة، المناط بها العمل اليومي، تحت إشراف خبراء متخصصين". وأوضح البيان، أن البروفيسور بن نوردستوم أشار في تقرير صادر في إبريل 2009 إلى أن الجسور والهياكل الخرسانية ووصلات التمدد في جسر الملك فهد سليمة. ولسد الأبواب أمام مزيد من التكهنات في المستقبل، قالت المؤسسة: إنها الجهة الوحيدة المناط بها إصدار التقارير الفنية عن الجسر. القدرة على التحمل وتشير الإحصاءات الرسمية لعام 2008 إلى أن نحو ثمانية ملايين مركبة عبرت الجسر بين السعودية والبحرين، ونقلت نحو 18 مليون مسافر. لكن ماذا عن فعالية الجسر الذي افتتح في 26 نوفمبر 1986، يقول كمال الشكر، وهو مهندس مدني يملك خبرة ثلاثة عقود في مجاله: "إن المهندسين الذين يعكفون على تصميم أي منشأة في العالم، يضعون في اعتبارهم الأثقال التي يستطيع الجسر أن يتحملها خلال عمره الافتراضي". ويوضح، أنه "حينما صُمم الجسر، أُخذ في الحسبان الأحمال الميتة أو الحية، وأيضا اصطفاف الشاحنات والسيارات لأي ظرف طارئ". ويشير الشكر إلى أن "الشركة التي تقوم بالأعمال الإنشائية للجسر، تتأكد عادة وقبل كل شيء من التربة ونوعيتها، والماء ومستوى التيار المائي، إضافة إلى دراسة العوامل المحيطة كافة بإنشاء الجسر". وحول مدى انخفاض الجسر إلى مستويات أقل من تلك التي بدأ بها، يقول المهندس الشكر: إن "هبوط الجسر لمستويات صغيرة في كل عشر سنوات مثلا، لا يشكل مشكلة من المنظور الهندسي، وهو أمر موضوع في الحسبان مسبقا". لكن وعلى الرغم من هذه "التطمينات"، إلا أن المهندس الشكر يحذّر من بقاء مجموعة من الشاحنات على الجسر. يقول المهندس البحريني: "نعم. قد يتأثر الجسر ببقاء الشاحنات الثقيلة في جانب واحد، لكن هذا الوضع لا يؤثر على مسألة انهيار الجسر من عدمه". ويستدرك الشكر الذي شارك في بناء عشرات المنشآت في البحرين: "نجد أن الشاحنات عادة تقف على الجانب المدفون، ولا تقف في منتصف الطريق، والجانب المدفون يتحمل هذا النوع من الأثقال". 100 عام العمر الافتراضي لجسر الملك فهد ربما يصل إلى 100 عام في المتوسط، لكن هذا لا يعني أنه لن يعود صالحا للاستخدام بعد هذه المدة، حيث إن عمليات الصيانة الدورية والمتابعة تطيل من عمر الجسر إلى الضعفين وأكثر. ويرى المهندس خالد الهاشمي، الذي بدأ العمل في هذا المجال قبل 23 عاما، أنه يجب عدم المخاطرة باستمرار بقاء الشاحنات على الجسر لمدة طويلة. ويضيف: "إن كنا نتحدث عن عملية الفحص والصيانة الدورية، فالأفضل ألا تبقى هذه الأثقال على الجسر (...) نحن نريد إطالة العمر الافتراضي للجسر، وهذا الأمر لا يستقيم مع تكدس مئات الأطنان من الأثقال عليه". ويوضح: "عملية بقاء الشاحنات قريبة من بعضها لفترات طويلة، ربما يسبب تهتكا في المنشأة الهندسية". ويدعو الهاشمي إلى استمرار عملية الصيانة بوتيرة تتناسب مع مستوى الضغط الذي يتحمله الجسر.