أحب أن أعود بذاكرتي دوما إلى الزمن الجميل وفن الطرب الأصيل من خلال أصوات العمالقة في الفن العربي مثل عبدالحليم حافظ وأم كلثوم وكذلك فيروز التي تشرق الشمس على حس صوتها العذب بكلمات بسيطة قوية في المعنى تحاكي المشاعر تأخذك إلى آفاق رحبة في الطرب، وهذا ما يسمى الطرب بالفعل، وإذا ما قارنا بين ذلك الزمن والفن وبين ما يصم الآذان حاليا تأخذنا الحسرة على تلك الأغاني التي لم تكن مكلفة في التوزيع ولم تكن تعج بالعديد من الآلات الحديثة لكنها كانت ذات وقع في نفوس المستمعين من المحيط إلى الخليج.. هل يا ترى في المستقبل ستعود مثل هذه الأعمال التي لا تزال عالقة في أذهان الكثير من الجمهور العربي، الغرابة أن هذه النوعية من الأغاني «الهابطة» تشهد رواجا كبيرا ولا ندري هل الخلل في الأذن أم في الذائقة أم في الفنانين أنفسهم، أسماء غابت عن المشهد الغنائي كثيرا وحضرت أسماء تعتمد على «الهشك بشك»، فأين أخطبوط العود الفنان عبادي الجوهر الذي يبث لنا من أعماله رائحة «دخون». عندما أتوق إلى هذه الأعمال أجد نفسي مغردا خارج السرب وأنا أسمعها وكأنني لا أعيش في هذا الزمن الغنائي العجيب والذي يحق لي أن أطلق عليه «زمن فوضى غنائية»، لا كلمة، لا معنى، ولا حتى أصوات تجبرك على أن تقف عندها أو حتى تلفت انتباهك، ما نسمعه مخجل وللأسف أن بعض هذه القنوات تبث مثل هذه الأعمال فمن «قلب قلب» إلى «عيار» إلى «بلبلة» ويا قلب لا تحزن. همسة في أذن الجيل الحالي من الشباب نظفوا مسامعكم بأعمال العمالقة كفيروز وأم كلثوم ومحمد عبده في قديمه وطلال مداح وعبادي الجوهر فهؤلاء هم رواد الطرب الأصيل.