يصور فيلم «الفولاذ الحقيقي» الصراع بين عالم البشر وعالم الآلة، وخصوصا «الريبوتات» الرجل الآلي الذي حل تدريجيا في تفاصيل الحياة البشرية، ليكشف الفيلم تناقضات الحياة في ظل انتشار الآليين وحلولهم مكان البشر، وتفوقهم عليهم نتيجة التقنية العالية والدقيقة في عملهم، ويطلق مقولته عن أهمية المشاعر والعزيمة البشرية التي لولاها لما وجدت الريبوتات، وإنه مهما تفوقت تقنيتهم ودقة صنعهم، إلا أن الإنسان بمشاعره وعزيمته سيبقى الأساس، وتبقى تنتصر الروح البشرية على برود الآلة. قصة إنسانية وسط عوالم الآلة يتخذ الفيلم من عام 2020 زمانا للسرد لتروي أحداث الفيلم قصة «تشارلي كانتون» وهو ملاكم سابق كان يمكن أن يصبح بطلا عالميا، إلى أن صدر قرار بمنع الملاكمة بين الآدميين باعتبارها رياضة عنيفة، لتأخذ أجهزة الروبوت مكان البشر على حلبة الملاكمة ويستمتع الجمهور بها، ووسط هذا التحول يصاب «تشارلي» بالإحباط واليأس والانطواء نتيجة خسارة عمله وإفلاسه، فيتحول إلى المنافسات غير الشرعية على الرجال الآليين، لكنه وفي تحول بمسار القصة يجد نفسه خلال الصيف مع ابنه الصغير «ماكس» البالغ 11 عاما، الذي كان بعيدا مع والدته المنفصلة عن تشارلي وقد توفيت حديثا، بعد تسوية مؤقتة لموضوع الحضانة الكاملة في مواجهة الأقرباء «ديبرا ومارفن» وقد باعهما حق الحضانة مقابل بقاء الفتى معه لحين رجوعهما من شهر العسل. وفي زيارة تجمع الوالد وابنه مع صديقة طفولة «تشارلي» وابنة مدربه «بيلي تاليت» التي تدير صالة والدها الرياضية بعد وفاته، يكتشف تشارلي أن طفله «ماكس» يتمتع بمهارة عالية في التعاطي مع التكنولوجيا والريبوتات. وهنا تظهر فكرة «ماكس» في إمكانية تجميع ريبوت يمثل تذكرة عودة والده إلى أجواء الملاكمة. وبعد العديد من النقاشات حل أهمية الآلة وإمكانية المشروع، يقتنع الوالد الذي كان يصر كثيرا على فكرة أن الإنسان أهم من الآلة، ويبدأ بمساعدة ماكس في إصلاح الآلي الذي يقرر تسميته «أتوم» ويزوده بخلية تمكنه من تلقي الأوامر الصوتية، ويقنع ماكس والده بالقيام بمهمة تدريب الآلي. ولاحقا سيتنافس الآلي «أتوم» ومدربه «تشارلي» في مباريات غير شرعية تجذب انتباه أحد المروجين من الدوري العالمي للملاكمة الروبوت «WRB» حيث يقدم له فرصة لملاكمة أحد الريبوتات. وفعلا سيفوز «أتوم» بفضل مهارة «تشارلي». لكن الحدث المهم سيكون باقتراح إجراء مباراة بين «أتوم» وبطل مسابقة الرجال الآليين العالمية «زيوس» الذي صممه العبقري «تاك ماشيدو» برعاية الغنية الروسية «فيرا لميكوفا» التي حاولت شراء «أتوم» قبل المباراة. وفي تصعيد للأحداث تسرق مكاسب «تشارلي» من قبل عدوه القديم «ريكي» ورجاله، فيضطر لإعادة «ماكس» إلى خالته وزوجها وقد عادا، لكن «بيلي» تستطيع أن تقنع «ماكس» وخالته بأن «تشارلي» يمكنه أن يكون أبا جيدا، وهكذا تسمح «ديبرا» لتشارلي بأخذ ماكس إلى المباراة المهمة بين «زيوس» و«أتوم» وفي المباراة تكون النتيجة لصالح «زيوس» الذي ينهمر بالضرب بشدة على «أتوم» موقعا فيه أضرارا جسيمة، وبعد مباراة غاية في الروعة والحماس ينتهي الفيلم بفوز «زيوس» عديم الرحمة، وسط صيحات الاستنكار من الجمهور وقد صار «أتوم» بطل الشعب، وأثبت «تشارلي» أن الإنسان هو الأساس لا الآلة. ثمانية أعوام من التحضير. الفيلم مقتبس جزئيا كما يرد في تيتراته التعريفية عن القصة القصيرة التي ألفها الأديب البارع في قصص الخيال العلمي «ريتشارد ماثيسون» وحملت عنوان «الفولاذ» وكانت نشرت في عدد من مجلة الخيال العلمي الأمريكية في مايو عام 1956، وقد وضع السيناريو للفيلم بداية السيناريست «دان جيلوري» عام 2005 بعدما اشترت حقوق القصة شركة «دريم ووركس» لصاحبها المخرج الكبير «ستيفن سبيلبرج» في عام 2003، ومنذ ذلك الوقت و«سبيلبرج» يفكر في إنتاج الفيلم. وقد اختار بداية المخرج المرموق «بيتر بيرج» صاحب العديد من أفلام الحركة والخيال العلمي، ولكن سبيلبرج كان يفضل ترجيح الجانب الإنساني في القصة، ولذا أعاد في عام 2009 بالاستعانة بالسيناريست «جون جيتنس» كتابة السيناريو بالتركيز على قصة الأب وولده، واختار المخرج «شون ليفي». لكن أولى الانتقادات على الفيلم هي ضعف الحبكة القصصية وضعف الحوارات بين الشخصيات، إذ ركز الفيلم على عنصر الحركة بصورة أكبر من تركيزه على الحوار بين الأبطال، الذي اقتصر على حوارات بسيطة بين الأب وولده، وهو ما تجلى في الرؤية الإخراجية الاحترافية للمخرج «شون ليفي» الذي قدم سابقا فيلم «ليلة في المتحف» الذي لقي تقديرا كبيرا من قبل النقاد والجمهور، وفيلم «ترويض التنين». وأكثر ما ميز الفيلم هو الريبوتات التي تكاد تقترب من الصفة البشرية بالطابع العام حسب أجواء الفيلم، ودون مبالغة في استعمال المؤثرات البصرية لأجواء الحركة والقتال التي كانت مبهرة، بل بتركيز على الانفعالات الإنسانية للممثلين، وخصوصا النجم «هيو جاكمان» بطل فيلم «الرجال أكس» والأداء المبهر للطفل «داكوتا جويو» في دور ماكس. جمع الفيلم في أسبوع عرضه الثالث على التوالي في الولاياتالمتحدةالأمريكية مبلغا فاق عتبة ال74 مليون دولار أمريكي، وتربع في المركز الأول لمدة أسبوعين متواليين على عرش شباك التذاكر .