ليس بالضرورة أن يكون الخداع والنهب أسبابا رئيسة لتدني المستوى وتعثر المشاريع، ولا تكفي النزاهة والشرف والمثابرة للمضي قدما وتحقيق الأهداف والإنجاز ونيل النجاح، ما لم توضع المهارات والقدرات محل الاعتبار عند اختيار الأفراد لكل مهمة. فإذا توفرت الأدوات الصحيحة، لا بد أن تدار من قبل الشخص العارف بها، وإلا كانت مجرد عبث مهني لن يقدم تطورا ملموسا، كمنح المناصب القيادية لمن لا يفقه كيف تكون الإدارة، بحجة الأقدمية، أو الكفاءة المهنية، أو التميز في مضمار أبعد ما يكون عن احتياج المنصب. فعندما تكثر الأخطاء لا يعني أن نقدح في ذمة المسؤول، إنما إدارة الأجهزة الحكومية والأهلية تحتاج شخصية تستوعب أن الإدارة ليست علما يبتدع بحسب المزاج والخبرة، ومهما فعل وهو يجهل الطريقة لن تثمر مساعيه حتى لو «بلط البحر». التخطيط له أهله، والتنفيذ كذلك له أفراد بقدرات خاصة، وكذلك القياديون هم صمام الأمان ورأس الهرم، وإن وضع أحدهم في مكان الآخر سيأتي بالويلات وإن اجتهد. وإن لم توضع مقاييس علمية ودقيقة لاختيار المسؤولين فإن العملية لن تكون أكثر من حقول تجارب وضحايا، وفي كل مرة يتم فيها تدوير المناصب يأتي الأمل الذي لا فجر له يعد بالتغيير، ويبقى الليل ينتظر شمس الصدق، لكنها لا تشرق، ولن تشرق؛ لأن عزيزي المسؤول الجديد ضائع بين تصحيح الأخطاء السابقة، وبين نهج جديد يضع من خلاله بصمة تخلد ذكراه قبل دوران الكرسي، كل ذلك دون علم حقيقي يؤهله لخوض المغامرة، لذا يبقى الحال أعرج في أحسن الظروف إن لم يتدهور. كثيرا ما تتردد الشبهات حول البطانة وفسادها، لكن الجهل بالإدارة ومتطلبات المنصب أعظم فتكا، نستطيع محاربة الفساد بكل أشكاله، لكن الجهل هنا كطفل في مهمة رسمية، كيف تشرح له الخاطئ من الصحيح؟ خارج النص: «للقارئ الكريم صاحب الاعتراض الصريح: لو كان الصراخ يجدي لاستبدلت مكبرات الصوت بالذهب، أليس كذلك؟»