تباينت آراء عدد من الكتاب والمخرجين السعوديين حول ما يخص الدراما السعودية المعروضة في رمضان التي بلغ عددها تسعة أعمال، حيث ذكروا أن التكرار في النمط والفكر والشخصية، الذي يعد أحد عوامل الضعف القوية للمسلسل أحدث نوعا من الاستياء لدى المشاهد، ما دفعه لمتابعة أعمال درامية أخرى، وذكر أحدهم أن الدراما لا يجب أن تكون معنية بالمشكلات الاجتماعية وهموم الناس، وذلك لتعارض دورها مع الجهات صاحبة الاختصاص، ما يؤدي إلى انحراف الدراما عن مسارها الفني. في البداية، يؤكد الكاتب والمخرج المسرحي رجا العتيبي أن الدراما السعودية المعروضة في رمضان الجاري لا تمتاز بأي إضافة جديدة عما سبقها من الأعمال، وأضاف أن «الدراما يجب أن تكون غير معنية بالمشكلات الاجتماعية وهموم الناس، حيث ينبغي أن تصنع الدراما عالما مستقلا يوازي العالم الحقيقي، معللا حديثه بقول أرسطو قبل ألفي عام «إن الدراما لا يجب أن تكون مهتمة بالمشكلات الاجتماعية». ويرى أن كل ما يقدم من الأعمال الدرامية حاليا غير جيد، مشيرا إلى أن الدراما فن وهذا يخالف بطبيعته ما يشاهده الجميع من مسلسلات، حيث اقتصر دورها فقط على التوجيه الاجتماعي الذي يتعارض مع دور ومهمة الجهات الاختصاصية والمعنية بهذا الأمر، ما يحول الدراما عن وجهتها الفنية. وشدد الكاتب والمخرج المسرحي على أن الدراما ليست وسائل إعلامية أو تربية وتعليما، موضحا أنه يجب أن يعي كل المنتجين والكتاب أنها فن، وينبغي أن تمارس وفق شروطها الموضوعة والمدروسة في الأكاديميات الفنية المتخصصة، حيث تعتبر عالما آخر يحاكي العالم الحقيقي. وقدم العتيبي شكره لكل العاملين على طرح المشكلات الاجتماعية في الدراما، لكنه خالفهم من حيث الطرح والأسلوب والفكرة، حيث يطغى التكرار على غالبية الأعمال على حد تعبيره، فقد تكون هناك مشكلة اجتماعية، تناولتها جميع الأعمال، ما يسبب الاستياء لدى كثير من المشاهدين؛ لأن تكرار الأفكار والشخصيات أحد العوامل القوية لصرف المشاهد عن الدراما السعودية. وأفاد بأن الدراما يجب أن تدار وفق اقتصاديات الفنون فهي أرقى من حيث المفاهيم من الأعمال التجارية، وكذلك المقاولات التي طغت على الأعمال الدرامية في الفترة الجارية. تطورنا مشروط من جانب آخر، أكد الكاتب سعد المدهش أن الدراما السعودية تشهد تطورا كبيرا مقارنة بالمواسم السابقة، من حيث عدد الأعمال وكذلك قوة النصوص وحتى الأداء والإخراج، وأضاف «تكرار الأفكار على مستوى الدراما في رمضان الجاري هو نتيجة لتكرار المشكلات الاجتماعية في المجتمع السعودي، وهذا يعد من الظواهر الطبيعية في العالم الدرامي». وأكد المدهش أن «دور الدراما يكمن في معالجة المشكلات التي يعاني منها المجتمع؛ وذلك في محاولة لإيجاد الحلول ثم الخلاص منها، ما يظهر أن العمل الدرامي ليس عملا تهريجيا وعشوائيا، بل هو عمل صاحب رسالة واضحة ذات هدف سام يسعى للارتقاء بالفكر وكذلك هدم الأخلاقيات السلبية التي قد تضر بالمجتمع». ويرى المدهش أن الأعمال السعودية في تطور على الرغم مما يشوبها من أخطاء لا تلغي نجاحها في الأعوام الأخيرة. التنويع مطلب مهم للمنافسة أما الكاتب عنبر الدوسري فأشار إلى أن الأعمال المعروضة هذا العام فيها الجيد وفيها العكس وقال «لا نستطيع أن نلغي مجهودات بعض الأعمال حقيقة التي قدمت عددا من القضايا بأسلوب جميل بعيدا عن الدخول في متاهات الابتذال أو الجراءة الزائدة، وأنا هنا لا أجامل زملاء أو فنانين ولكن تبقى هناك أعمال قدمت العديد من القضايا المهمة والحساسة بأسلوب نقدي هادف، وهذا طبعا يتمثل في العمل الشهير (طاش 18) الذي كان أقرب إلى المجتمع من غيره على الرغم من محاولات بعض الأعمال السير على نهج هذا العمل إلا أنهم وإن نجحوا فإنهم لن يستمروا استمرارية طاش». وأضاف «لا نتمنى أن نتقوقع في الأعمال الكوميدية فقط وأن يكون هناك أعمال أخرى كالتراجيدية والتاريخية والتراثية والاهتمام بها بشكل أكبر حتى نحقق معادلة التوازن المطلوبة في الأعوام المقبلة». تقليد أعمى ل «طاش» أما الفنان والمنتج عبدالرحمن الخطيب فشدد على ضرورة عد الانسياق خلف التقليد الأعمى لأعمال نجحت على مستوى العالم العربي مثل المسلسل الكوميدي «طاش ما طاش»، حيث أكد أن السواد الأعظم من الأعمال السعودية التي تعرض حاليا على مجموعة من القنوات الفضائية بالإضافة إلى التليفزيون السعودي اتجهت للتقليد واتباع نهج الثنائي عبدالله السدحان وناصر القصبي في أعمالهم، بل وحتى في بعض الشخصيات الموجودة في العمل وهذا ما جعل الدراما السعودية تغوص في غبة من التوهان والتشتت». وأضاف الخطيب: «ينبغي أن تكون أعمالنا أكثر تنويعا وعلى مدار العام بدلا من التركيز على هذا الشهر الفضيل واستجداء التصفيق والدخول في مفاضلات أسهمت إلى تراجعنا دراميا، مبينا أن الدراما ليست ضحكا فقط وينبغي التنويع في أعمالنا، وإذا ما كان هناك من نقد فليكن للذات وللفهم والوعي وليس لشكليات قد لا تجد الفائدة من هذا النقد المسلط بشكل قوي بداعي الجراءة، واستشهد الخطيب بعمل الفنان سعد الفرج في كيفية طرح القضية والتعامل معها على الرغم من أن العمل نص مصري بحت على حد تعبيره، إلا أنه وضح فيه الروح التمثيلية لدى الفنانين المشاركين» .