عاد الهدوء إلى ميدان التحرير في وسط العاصمة المصرية القاهرة، منذ بداية شهر رمضان المبارك، بعد أن كان مسرحا للتظاهرات والاعتصامات التي أدت إلى تغيير الوضع السياسي المصري برمته. وعادت حركة المرور إلى طبيعتها بشكل كامل في الوقت الذي أحاط فيه أفراد من الأمن المركزي بالحديقة التي تتوسط الميدان، والتي خلت تماما من أي معتصمين، في ثاني أيام شهر رمضان المبارك بعد يوم واحد من إعادة فتح الميدان بالقوة أمام المرور من جانب عناصر من القوات المسلحة والأمن المركزي، التي قامت بفض الاعتصام الذي أصر البعض على استمراره رغم اتفاق الغالبية العظمى من الأحزاب والقوى السياسية والائتلافات الثورية على تعليقه، مع قدوم شهر رمضان. وانتشرت عربات الشرطة العسكرية للمحافظة على انسيابية سير الحركة في الميدان والشوارع المحيطة به. في الوقت الذي بدأت فيه حركة التجارة والنشاط تعود لمعدلاتها الطبيعية في المحال ومكاتب الشركات السياحية وغيرها الموجودة في الميدان والشوارع المؤدية إليه، وذلك للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثة أسابيع ظلت فيها هذه المحال تعاني من التأثيرات السلبية لإغلاق الميدان من جانب المعتصمين. وبدأت «دولة ميدان التحرير» تفقد سيطرتها. وفي أول جمعة رمضانية، لم يشهد التحرير أي تظاهرات أو حشود، للمرة الأولى منذ 25 يناير الماضي. وكان المشهد عبارة عن هدوء.. وحصار لجميع مداخله.. وتشديدات أمنية مكثفة. وحاصرت قوات الأمن المركزي الميدان وأماكن الاعتصام، وانتشرت سياراتهم المصفحة في أرجائه. كما حرصت الشرطة العسكرية على التواجد وتمركزت مدرعة على كل مدخل. يأتي ذلك في ظل وجود قيادات أمنية كبيرة من الجيش والشرطة، بينما استعانت بعض المحال التجارية الموجودة بالميدان بأشخاص لتأمينها تحسبا لحدوث أي تظاهرات ووقوع اشتباكات. وطالب خطيب مسجد عمر مكرم الشيخ الدكتور مظهر شاهين بضرورة تحويل ميدان التحرير إلى منطقة خضراء دون شرطة، مشددا على ضرورة أن يتولى المسؤولية فيه موظفون مدنيون. وأعرب عن استيائه من كافة الأحداث التي شهدت اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين بعد الثورة. وتحول الميدان إلى أشهر مكان في العالم على مدار الأشهر الأخيرة، بعدما اندلعت فيه شرارة مظاهرات 25 يناير، التي عرفت باسم «ثورة الغضب»، التي تحدثت عنها كل وسائل الإعلام. وأصبح الميدان أقرب إلى «مدينة فاضلة» خالية من معظم الظواهر السلبية التي يعاني منها المجتمع، وتحول إلى رمز للثورة الشعبية في مصر. ورغم تجمع الملايين من جميع الفئات والأعمار في هذا المربع الصغير، لم تسجل حالة تحرش واحدة بالفتيات المشاركات في التظاهرات، ولا سرقة أو فقدان أي شيء مهما خف وزنه وغلا ثمنه. ويبدو أن الجميع انصهر في بوتقة واحدة لا مطلب لها سوى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية إلي أن أعلن نائب الرئيس السابق حسني مبارك تخلي الرئيس عن منصبه في مساء الجمعة 11 فبراير 2011، حيث تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد مؤقتا. وقام المعتصمون بعد تنحي مبارك بالانصراف من الميدان بعد أن قاموا بتنظيفه. ولكنهم عادوا مرة أخرى للمظاهرات والاعتصامات لتأخر السلطات في الاستجابة لمطالبهم. والتحرير، هو أكبر ميادين القاهرة؛ وسمي في بداية إنشائه ب «ميدان الإسماعيلية، نسبة إلى الخديوي إسماعيل، ثم تغير الاسم إلى «ميدان التحرير»؛ نسبة إلى التحرر من الاستعمار في ثورة 1919؛ ثم ترسخ الاسم رسميا في ثورة 23 يوليو عام 1952. ويوجد فيه العديد من الأماكن الشهيرة مثل المتحف المصري والجامعة الأمريكية ومجمع المصالح الحكومية، ومقر جامعة الدول العربية، وإحدى أكبر محطات مترو القاهرة الكبرى وهي محطة السادات التي تضم الخط الأول والثاني معا. ويعتبر من الميادين القليلة ذات التخطيط الجيد الفريد إذ يتفرع منه، على شكل شعاع، عدد ليس بالقليل من أهم شوارع وميادين العاصمة المصرية، منها ميدانا طلعت حرب وعبدالمنعم رياض، وشارع البستان الذي يوجد فيه أهم مراكز التسوق في وسط القاهرة، بالإضافة إلى العديد من البنوك ومؤسسات الدولة التي تقع في تفرع شارع هدى شعراوي، وشارع القصر العيني الذي يضم مقرا لتسع وزارات، ويضم أيضا مجلسي الشعب والشورى .