خلا ميدان التحرير، رمز الثورة المصرية، من المتظاهرين أمس الجمعة، للمرة الأولى منذ اندلاع ثورة 25 كانون الثاني (يناير)، إذ دأب شباب الثورة على تنظيم تظاهرات حتى لو محدودة كل يوم جمعة قد تتطور إلى اعتصامات أو تفض ليلاً. لكن يوم أمس شهد استنفاراً أمنياً غير مسبوق، إذ انتشرت عشرات من سيارات الأمن المركزي التابع للشرطة تقل آلاف الجنود في الشوارع القريبة من الميدان. وانتشر مئات الجنود وعشرات الضباط عند مداخل الميدان من كل الاتجاهات لمنع أي تجمعات من الوصول إليه، فيما أحاط بحديقة الميدان الرئيسية عشرات من جنود الشرطة ممسكين بعصيهم كما طوقت القوات الأمنية كل الحدائق الجانبية في الميدان لمنع أي متظاهرين من الوصول إليها. وتواجدت قوات الشرطة العسكرية التابعة للجيش عند محيط الميدان وأطرافه ولكن بأعداد أقل. وسيرت شرطة المرور حركة السيارات في الميدان وتمركزت أعداد من قوات الشرطة عند مخارج محطة مترو الأنفاق في محيط الميدان لمنع خروج تجمعات، فيما أغلقت بعض مداخل ومخارج المحطة. وعند مدخل ميدان التحرير من ناحية مسجد عمر مكرم تجمع عشرات المتظاهرين بعد صلاة الجمعة وسعوا إلى دخول الميدان من أجل تنظيم وقفة صامتة حداداً على روح محمد محسن الشاب العشريني الذي توفي متأثراً بإصابته خلال المواجهات بين المتظاهرين ومجهولين في ضاحية العباسية أثناء مسيرة نفذها متظاهرون إلى مقر وزارة الدفاع قبل أكثر من 10 أيام. وتجمع عشرات المتظاهرين أمام مسجد عمر مكرم وطوقهم مئات من قوات الشرطة العسكرية التابعة للجيش الذين اصطف خلفهم مئات أخرى من جنود الأمن المركزي. وطلب المتظاهرون السماح لهم بالتوجه إلى الميدان لكن قوات الشرطة العسكرية رفضت طلبهم. وردد المتظاهرون هتافات منددة بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في 11 شباط (فبراير) الماضي. وكادت اشتباكات تندلع بين المتظاهرين والشرطة العسكرية بعد أن هتفت سيدة «عاملين علينا أسود.. وبيضربوا (يضربوا) على الحدود»، ما أثار استياء عميد في الشرطة العسكرية، فطلب منها أن تهذب هتافاتها. وأكد أنه يرفض ولن يسمح بتوجيه أي إهانات إلى الجيش المصري، قائلاً: «تظاهروا باحترام»، وهو ما ردت عليه السيدة وبعض المتظاهرين بمزيد من الهتافات المناوئة للمجلس العسكري وإدارته لشؤون البلاد، وهو ما زاد من توتر الموقف لولا تدخل بعض ضباط الجيش وتهدئة قائدهم واصطحابه بعيداً من محيط التظاهرة. ودخل ضباط في الجيش في حوارات جانبية مع المتظاهرين، فأكدوا لهم أن أوضاع البلاد باتت صعبة وأنه لا داعي لاستمرار التظاهر ولا حتى الوقفات السلمية. وتحدث كثيرون منهم عن أن بدء محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك دليل على أن الثورة ماضية في طريقها ولكن كل شيء لن يتغير في أيام أو حتى شهور، لكن هذه الحوارات عادة ما كانت تنتهي من دون اتفاق بين المتحاورين. وسمح ضباط الشرطة العسكرية لاحقاً للمتظاهرين بالخروج من الطوق الأمني ولكن في الاتجاه المعاكس لميدان التحرير ومنعوا أياً منهم من الدخول إلى محيطه. ووقعت مشادات عدة بين المتظاهرين ومارة اعتبروا أن التظاهرات لا مبرر لها في الوقت الراهن. وكان خطباء الجمعة في مساجد عدة في القاهرة طلبوا من المصلين في خطبة الجمعة الأولى من شهر رمضان عدم إثارة الضجة أو الاعتصام والاهتمام بالأعمال الصالحة والعمل لتحقيق أمن المجتمع واستقراره. وقال إمام وخطيب الجامع الأزهر الشيخ صلاح نصار: «إننا نعيش هذه الأيام نفحات شهر كريم فضله الله على سائر الشهور بالعديد من الفضائل وعلى المسلمين انتهاز فرصة حلول هذا الشهر الفضيل بالتمسك بروحانياته وأخلاقه ومن أهمها عدم إثارة الضجيج في المجتمع والحفاظ على أمنه واستقراره والتركيز على الأعمال الصالحة بمختلف أنواعها». وأشار إلى أن الصيام يدعو إلى العمل والإعمار والبعد عن الخلافات التي تشتت وحدة الأمة. في غضون ذلك، نظمت جماعة «الإخوان المسلمين» وأعضاء حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية للجماعة وقفة احتجاجية أمام السفارة السورية للمطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد. ورددوا الشعارات المناوئة للنظام السوري.