تسير بنا قوافل الحياة شرقا وغربا وتتقاذفنا التيارات كيفما تريد.. وغالبا يكون موضوعا سائد الطرح والحوار والنقاش فيه وصل ذروته ووصل مداه من الشد والجذب. ويكثر الصراع بين مؤيد ومعارض. ويبدأ تراشق العبارات تارة يكون مقبولا وغالبا غير مقبول، كل هذا يعتبر منطقيا بحكم أننا بشر وتجربنا تيارات الحياة. ولكن ما يذهلني ويشعرني بالاشمئزاز ذاك المتفلسف والمتباهي عندما يأتيك باتجاه مخالف للتيار ويبدأ ينشئ لنفسه تيارا جديدا وكأنه يريد بذلك أن يخلق له عالما آخر مختلفا كليا عن العالم المحيط به.. أو أنه يحب أن يظهر ويشهر نفسه عنوة ويبدأ يخالف التيار ويرفع بذلك شعار خالف تعرف.. وما الذي يقصده بمخالفته التيار؟ لا أعلم هل هو حب في الظهور أو رغبة ملحة منه في الشهرة..؟ ويحضرني في هذا الحديث كاتبة قرأت لها مقالا أغرب من الخيال.. فعندما تظهر لنا امرأة من تحت الأنقاض وتبدأ تشجب وتندب وتطالب بحق الرجل المهضوم وأن هنالك حقوقا للرجل مستباحة ولا بد أن نلتفت لها..!! من الطبيعي أن أتوقف عنده كثيرا، وأتساءل هل هي منطقية بطرحها أو حتى موضوعية..؟! وأخذت أجول بأفكاري من هو الرجل المسلوب حقه ومهضوم في مجتمعي؟.. فلم أجد سوى عامل النظافة الذي ينظف شارعنا ودون أن يقال له كلمة واحدة تمت لشكرا بصلة.. ولو كانت كاتبتنا العزيزة موضوعية لرأت أن حتى ولدها الذي لم يتجاوز السادسة من عمره حاصل على كامل حقوقه ومستوفيها فقط لأنه سيصبح يوما رجلا...!! لا أعلم أي حقوق تلك التي تطالب بها للرجل وأي الحقوق تلك التي تريد أن يحصل عليها الرجل، وهو مع زيادة حقوقه الكاملة بطش وبدأ يستولي على حقوق غيره.. وهنا يتجلى لنا مدى حب بعض الناس للظهور وبحثه الدؤوب على أن يشار له بالبنان، وأن الكل على خطأ وهو المحق الوحيد.. ما الهدف من هذا التناقض الذي يغلف البعض؟!