باعتبار أن القادة في كل أمة هم رواد التغيير وبناء المجد وصناع المستقبل وباعتبارهم الأمل في نهضة الأمة كان الاهتمام بهم لازما كوجه مشرق يصنع الحضارة ويشارك في التنمية ويواجه تحديات التنافسية العالمية، وحتى نكون نحن لاعبين أساسيين لا متفرجين أظن أنه يجب أن نجيب أولا عن سؤال مهم كالسابق، حتى وإن كانت الإجابة عنه مؤسفة بعض الشيء. والجواب هو أننا في مؤخرة الأمم المهتمة بهذه الجوانب، برغم إمكانياتنا المادية الكبيرة وطاقاتنا البشرية الشابة، خصوصا أننا بلد تشكل شريحة الشباب فيه «15 إلى 29 سنة» نسبة عالية، إذ تقدر بنحو خمسة ملايين نسمة، وتحتل نحو %28 من السكان. كل هذا لن أخوض فيه كون كلنا نعرف أسبابه ولسبب آخر أهم هو أننا جيل جاء ليساهم في تنمية هذه الجوانب ولو بجهود فردية بحتة، جيل سيتجاوز البكاء على الأطلال إلى الحل والفعل والتغيير. التجارب الدولية في هذه الجوانب بقدر ما ستكون محبطة - إن قارناها بتجاربنا العربية – بقدر ما سنجعلها محفزة لنا للمبادرة والدخول في خضم سباق تنموي مهم كهذا، سيستغرق وصولنا وقتا ولكننا سنصل. من أمثلة هذه التجارب والتي اطلعت عليها هي التجربة الروسية فجهات دعم الموهوبين والمبتكرين في روسيا تجاوزت الجهود الرسمية منها إلى أشكال مختلفة من الدعم فأقام الآباء والأمهات والمعلمون أربطة متعددة تدعم الموهبة والابتكار، هذا غير الجهات الخيرية المختصة والتي كانت هي أيضا بدورها داعمة لهذه الجوانب. ومنها إلى أمة ال 115 مليون متفوق، التجربة اليابانية الباذخة والتي توسعت في جوانب الموهبة والابتكار والتفوق توسعا ملحوظا، فتشكل السر في نجاح هذه التجربة باهتمامهم بتنمية المواهب والقدرات للأطفال قبل سن الالتحاق بالمدارس حتى أصبحت اليابان بعد ذلك في المركز الثاني في عدد براءات الاختراع بعد أمريكا وفي مصاف الدول الاقتصادية الكبرى. ولعل من أهم التجارب أيضا التي يجب أن نطلع ونتعرف عليها لخطرها هي التجربة الإسرائيلية، فقد توصل باحث فلسطيني «خالد سعيد ربايحة» إلى أن إسرائيل تتفوق على الدول العربية كافة في المجال العلمي والتكنولوجي وفي عدد العلماء أيضا.. يقول ربايحة مستندا إلى تقرير اليونسكو 2008 في بحثه: «أما بالنسبة لبراءات الاختراع، فهي المؤشر الأكثر تباينا بين العرب وإسرائيل، فقد سجلت إسرائيل ما مقداره 16805 براءات اختراع، بينما سجل العرب مجتمعين نحو 836 براءة اختراع في كل تاريخ حياتهم، وهو يمثل 5 % من عدد براءات الاختراع المسجلة في إسرائيل». إسرائيل تهتم بالقادة بالموهوبين والمبتكرين عبر برامج تأهيل ضخمة تسعى من خلالها إلى توظيفهم في مناصب قيادية في دولتها وبالتالي تتسيد العالم في جوانب عدة أهمها العلمية منها.. أما نحن فمازلنا في المؤخرة من هذا كله، وما يجعلنا متفائلين هو أننا انتبهنا ولو بعد رقدة طويلة فكانت مصر والأردن من أوائل الدول العربية في التحرك، تليها الكويت ثم السعودية، نتحرك ببطء نعم ولكننا نتحرك ونأمل بأن يكون لنا خلال سنوات قليلة قادمة حضور تنموي قوي، خصوصا أنه حسب تقرير اليونسكو عام 2008 وجد أن %40 من اختراعات العرب مسجلة في السعودية و20 % في الكويت. ومما يعزز تفاؤلنا أكثر هو دعم الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمسيرة التنمية والإبداع كما ينصه «بيان رؤية 1444ه» حيث ينص على:. «أن تصبح المملكة مجتمعا مبدعا فيه من القيادات والكوادر الشابة الموهوبة والمبتكرة ذات التعليم والتدريب المتميز ما يدعم التحول إلى مجتمع المعرفة وتحقيق التنمية المستدامة». وقبلها توافر الطاقات البشرية والفكرية التي تؤكد أننا على قدر كبير من الإرادة والقدرة على اللحاق بالركب أو المداناة على الأقل تحقيقا لهذه الرؤية وقبلها تحقيقا لأحلامنا الكبيرة.. بقي: دورك أنت في رسم الخريطة / حفز عقلك، ابحث، ركز، لا تتقاعس، آمن بفكرتك، ثم انطلق مدونة وأنا أتأمل http://fouz.wordpress.com