انتشرت في الآونة الأخيرة كثرة قصائد المدح وأصبحت القنوات الشعبية هي المنبر الأول لانتشار هذه القصائد التي قد تكون بمقابل مادي، وأصبح كل شاعر يبحث عن رجل أعمال أو مسؤول ليمتدحه كي يحصل على ما يريد، وحينما يحصل على ما كان يحلم به تزداد القصائد على هذا التاجر أو المسؤول من الأغلبية العظمى من الشعراء فتنتشر سمعته في الساحة الشعبية بأن هذا التاجر يدفع مقابل القليل من الأبيات. المصيبة الكبرى إذا كان هذا التاجر شخصا ذكيا ولا يدفع لأنه يعرف أن الكلمات التي قيلت فيه لا تنطبق على شخصيته وأن الهدف هو استغلاله والحصول على ماله فقط. وقد يكون بعض الشعراء أذكى من التاجر، فحينما ينتظرون أن يقوم التاجر بإيداع المبلغ في حسابهم تكون المفاجأة الاتصال والشكر فقط فتنتشر الكلمات المتداولة بين الشعراء: (ما فيه خير), وتكون المسألة أبسط مما نتصور، إذ يكفي أن يتم تعديل الأبيات ومسح اسم التاجر وإضافة تاجر بديل لكي تتم عملية الاختلاس بكل بساطة. لو رجعنا قليلا لمعرفة انتشار هذه الظاهرة لوجدنا أن المسابقات الشعرية والمبالغ المهولة التي يعلن عنها كانت سببا في زيادة قصائد المدح وشعرائها الذين أزعجوا الساحة الشعبية بكلمات النفاق والكذب التي أصبحت معروفة لدى الجميع. لعل مسابقة شاعر المليون، التي ظهرت قبل أربعة أعوام، هي التي زادت من نسبة عدد المداحين، و«المهايطين» في الشعر، إذ أبدع عدد من المشاركين في تلك المسابقة في مدح قبائلهم، وشخصيات ذات مكانة اجتماعية، بهدف الحصول على مبالغ مالية، للتصويت بها، أو الاستفادة منها بعد المسابقة. الساحة الشعبية وروادها بحاجة في الفترة الجارية إلى وقفة صارمة، لمنع ظهور شعراء المدح والمهايط في الوسط الشعبي، أو البراءة منهم، حتى لا يسيئوا إلى الشعر أكثر مما أساءوا له، وللشعراء الخليجيين المميزين، الذين لم يتطرقوا إلى المدح والنفاق. * إعلامي سعودي