نحن أربع بنات، والدي -الله يهديه- يرفض أن يزوجنا، ولا نعرف إذا كان يتقدم أحد لخطبتنا أم لا، هو دائما يقول لنا: ربما يكون الخير أن تجلسن مع أبويكم، والمشكلة أنه لا يريد لأحد أن يرانا، صحيح هو لم يحرمنا من التعليم، وتعلمنا ولكن لا نخرج من البيت مطلقا إلا إلى المدرسة أو إلى المستشفى فقط، لا نذهب إلى أفراح ولا حتى يريدنا أن نتكلم مع الجيران أو نتعرف عليهم. الوضع الآن في البيت هو كالآتي: والدي ووالدتي منفصلان يعيشان معنا في بيت واحد، ولكنهما لا يتكلمان أبدا، وكل واحد منهما ينام في غرفة منفصلة، وكل ذلك بسبب مشكلات كثيرة حصلت بينهما منذ أعوام عديدة. هل والدتي تأثم؛ لأنها بإمكانها أن تساعدنا وهي تهدد والدنا وفي نيتها أنها لا تريد أن تزوجنا. أيضا إخواني الأولاد هل يتحملون الذنب ويأثمون؛ لأنهم أيضا لا يريدون مساعدتنا؟ تقدم لأختي الكبيرة -وعمرها 35 عاما الآن- خاطبان، وكان التفاهم مع أخي ولكنه لم يكن متفاهما معهما، وأختي رفضت؛ لأنها تخاف أن يعلم والدي. الآن تقدمت بطلب إلى المشروع الخيري للزواج، ووجدوا لي شخصا مناسبا، ولكن والدي سيرفضه، وأنا أفكر في أن أشتكي أبي في المحكمة؛ لأنني سألت قاضيا في المحكمة، وقال لي اشتكي والدك حتى تتزوجي، وأنا الآن خائفة لو ذهبت لأشتكي أن يطلق والدي أمي ويطردها من البيت، فهل آثم على شكواي؟ أولا: أدعو الله لكن بالثبات على الطاعة، وأن يصبركن على ما ابتلاكن به إنه رحيم ودود. ثانيا: لا شك أن ما تعرضتن له بلاء كبير يحتاج منكن إلى الصبر والاحتساب، فإن الأجر مترتب على ذلك. ثالثا: لا يخفى عليكن أن بر الوالدين واجب، ولو قصرا في حق أبنائهما، فلا يجوز أن يصور لكن الشيطان أن ما فعله والداكن يجيز لكن العقوق أو العنف أو الإساءة في حقها، فإن الله سبحانه أخبرنا أن البر واجب على العبد ولو دعاه والداه إلى الشرك فلا يطعهما، ولكن يصاحبهما في الدنيا معروفا. رابعا: إذا كان أبواكم يتعمدان عدم تزويجكن فإنهما آثمان في ذلك؛ لأن الزواج حق لكل واحدة منكن. خامسا: ما يتعلق بأخيك فالأصل أنه ليس وليك مع وجود والدك، وبالتالي لا يلحقه إثم في عدم تزويجك، ولكن لا ينبغي أن يكون سلبيا بهذه الصورة؛ بل الواجب عليه أن يتقي الله ويساعد أخواته في الزواج؛ لأنهن عرضه وبقية أهله. سادسا: أما التقدم للجنة المهتمة بشؤون التزويج والخوف من أن والدك يرفض ذلك الشاب، فالذي ينبغي ألا يخبر والدك أنه جاء من طريق اللجنة، وألا تتعجلي الحكم برفضه فقد يشرح الله صدره لذلك الشاب، وبالإمكان إدخال خالك أو عمك أو أي أحد في العائلة له تأثير على والدك ليقوم بإقناعه الموضوع بأسلوب مناسب. سابعا: من المعلوم شرعا أن الأب إذا منع ابنته من الزواج بغير سبب شرعي ومنطقي فإنه آثم وارتكب بذلك محرما، وهو ما يسمى شرعا بالعضل، فيجب تذكيره بذلك، وإذا أصر على ذلك فيحق للفتاة أن تشتكيه إلى القاضي ليلزمه بتزويجها، فإن رفض نقل الولاية إلى أقرب ولي أو زوجها هو ممن يراه مناسبا، ولكن أرى ألا تقدمي على هذه الطريقة حتى تستنفذي جميع الوسائل المتاحة للضغط عليه وإقناعه بأهمية تزويجك وبقية أخواتك، وعجبا لأب يرى الستر قادما إلى بناته فيرفضه، إنه يعرض نفسه للعار والشنار والأذى، وللإثم عند الله – عز وجل. ثامنا: لو انتقلت ولايتك إلى أخيك فيجب أن يتقي الله في اختيار المناسب، وإذا ما رفضت أمك فالواجب أن ينظر في سبب رفضها؟ هل سبب شرعي أم مجرد هوى وتعصب؟ فإن كان الأول فيجب أخذه في الحسبان، وإن كان الثاني فلا يلتفت إليها، لكن لا بد من التلطف معها وحسن العهد. المجيب: د. طارق بن عبدالرحمن الحواس عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية