بعيدا عن جمعية مكافحة التدخين، ودون أي تكليف، فضل عدد من الشباب ووالدهم المسن، إدارة حملة ذاتية لمكافحة التدخين على حسابهم الخاص. ورغم أن الأسرة بالكاد توفر لقمة عيشها من عوائد بيع المساويك، افتراشا أمام المساجد، إلا أنها لم تر نقصا في عوائدها، باقتطاع جزء من الدخل للمكافحة بطريقة خاصة. وفيما رفع الشبان الذين يسكنون غرب المملكة، وتحديدا في الطائف، شعار «رزق اليوم باليوم»، بعائد شهري لا يتجاوز ثلاثة آلاف ريال، اختاروا الهدف، ممثلا في توعية المدخنين أمام المساجد بضرورة الإقلاع عن التدخين، واستبدال السجائر بالمساويك، وتحفيزا على مواجهة النفس، يشرعون في توزيع المساويك مجانا، على مرتادي الجامع في سوق البلد في مدينة الطائف. الشاب تركي الذي يساعد مع إخوته، والدهم في المهمة الجديدة، أشار إلى أن فكرة مكافحة التدخين وراءها والده، بعدما ذاق الزبائن حلاوة المساويك، فاستغلها ليقلب عليهم الطاولة بتحفيزهم على الإقلاع مقابل مساويك مجانية، لتستمر العملية بنجاح. وبين أنه وإخوته وزعوا المهمة فيما بينهم: «نفترش الأرض أمام الجامع للبيع، فيما والدنا يوفر المساويك الجديدة، وفي أيام الدراسة نرافقه في العمل قبيل صلاة العصر إلى بعد صلاة العشاء، ثم نعود ونرتاح قليلا ونذهب لمراجعة دروسنا، أما في أيام الإجازة فنذهب معه منذ ال 8.00 صباحا وحتى ال 9.00 مساء». ويرى أن العائق الوحيد أمام العمل ولقمة العيش، يتمثل في منعهم من الافتراش أمام المساجد، وفي ساحة السوق: «لكن الحمد لله بعدما فتحنا المحل لم نتعرض للمنع؛ لأن المحل مرخص من البلدية». ويعتقد أبو تركي «48 عاما» أن إقبال المدخنين على المساويك التي يبيعها، حفزه على التفكير في المقترح: «أوفر المساويك يوميا، وكما يقولون (طازة) من قرى بالساحل الغربي؛ الأمر الذي وجد ترحيبا من معظم الزبائن، إلى الدرجة التي يدعونني فيها البعض لتوفير كميات لعائلته، فأوصلها لهم في المنازل؛ ولأن غير المدخنين كانوا الأغلبية، فكرت في إغرائهم بالمجان، ليقلعوا عن التدخين، وعندما نجحت التجربة مع أول مدخن، أبلغني أنه أقلع بعدما اعتاد على ما قدمته له من مساويك، بعد فضل الله، تعمدت دعوة الآخرين، وأهديتهم المساويك مجانا، فأقلعوا بفضل من الله، فصرت المكافح الأول للتدخين أمام العباس الشهير في مدينة الطائف». وأشار إلى أن فاعل خير أعجب بالفكرة، ودعاه لتوفير كميات من المساويك على نفقته الخاصة، على أن أتولى توزيعها على المرضى في المستشفيات، وعيادات مكافحة التدخين وجمعيات المعوقين: «وضعت في حساباتي أن الأمر رزق وأجر، وعلم تطوعي؛ لذا أحاول الموازنة بين كل تلك الأمور».وأشار إلى أن طموحاته محدودة في افتتاح فروع أخرى لمحله، وأن يتم فتح جسور من بعض الجهات معه لأنه يطمح إلى أن يحول محله إلى مؤسسة توعوية وتسهم في توظيف الفوائد المباركة للسواك، وما فيها من مردود نفسي.