لم يكن حضور المدير العام للمؤسسة العامة للخطوط الجوية السعودية، أمام جمع من الصحفيين، مجرد لافتة ترويجية لما تريد أن تستحدثه الخطوط وتواكبه من إنجازات، بقدر كونه نافذة أرادت هيئة الصحفيين، من خلالها، وضع التساؤلات العديدة التي تروج في المجتمع، سواء تحدثت عن ضبابية أو سوء خدمة، أو تطوير إطار، أمام المسؤول الأول عن قطاع حيوي، يأخذ على عاتقه التنمية، ويحفظ للوطن مكتسباته، ويعمل على الحفاظ على ثقة العملاء، ويحفز بخدماته الوصول إلى خارطة جديدة من الركاب. وأمس الأول لم يتردد الملحم في قولها، أو الاعتراف بها، ردا على الهاجس الذي يشغل بال الكثير من المراجعين والعملاء، في الكيفية التي بدأ يتعامل بها بعض منسوبي الخطوط السعودية، بصورة لا تكرس التميز، وتخرج عن النمط المعتاد، ولا تحفز على خدمة العملاء، ليأتي الرد قاطعا من المعني بهذا القطاع «أعترف بسوء تعامل بعض العاملين في قطاع الخدمات الأرضي، وأقر أن الدورات هي السبيل الوحيد لتطوير المهارات، وأرى أن تجاوز ذلك والوصول إلى الرضا المأمول، يمكن تحقيقه من خلال الخطة الموضوعة المتضمنة إلزام الملتحقين الجدد بالوظائف ببرامج تدريبية لمدة تبلغ 18 شهرا، لإعطائهم جرعات في فن التعامل مع الجمهور، وأخرى تصل حتى إلى الهندام». هيكلة ومراقبة واعترف المهندس الملحم بزيادة أعداد موظفي المؤسسة عن حاجة شركته، الأمر الذي يدعو إلى هيكلة الشركة «لدينا نية في الهيكلة، ونعرف أن تدعيم القطاعات يحتاج إلى موظفين وموظفات من خلال هذه الهيكلة، ويتم ذلك بإجراء اختبارات على الشهادات التي يحملونها واللغة، ولكن اكتشفنا أن هذا الأمر لا يكفي وحده، ونستعين بكاميرات مراقبة على جميع المطارات، وأشاهد شخصيا ما يدور فيها عبر الإنترنت». ونفى الملحم مسؤولية الخطوط العربية السعودية عن الإشكاليات التي تحدث لموظفي قطاع التموين، والاستقالات الجماعية، مشيراً إلى أن مرجعيتها لشركة لها مجلس إدارة، وتتبع للعمل والعمال، والخطوط شريكة بنسبة 49 %. الشحن الجوي وذكر المهندس خالد الملحم أن الشحن الجوي حظي بإقبال كبير، نتيجة سرعة وصول الإرساليات في أوقات قياسية «الخطط التي وضعت قبل أربعة أعوام بدأت الشركة تجني ثمارها، وأصبحت السعودية من أكثر الدول استقبالا للرحلات الدولية والمغادرة منها، وهي أكثر بكثير من الدول الأخرى المجاورة، وهناك تنافس شديد بين الشركات، ومنطقة الخليج تحولت من محطات وقود للرحلات الدولية إلى مناطق محورية، وهناك نمو اقتصادي كبير في الرحلات الجوية خاصة لمكة المكرمة والمدينة المنورة، وأتوقع أن يكون هذا الأمر جيدا لمطار جدة». انتقاد المطار وبين الملحم أن الشكاوى التي تتلقاها الشركة نتيجة نزول الركاب القادمين إلى مطار الرياض عبر حافلات، تعود إلى قصور في مطار الملك خالد الدولي بالرياض «مطار الملك خالد أنشئ قبل 28 سنة، وفيه بوابات معينة، وهذا الأمر كان احتياجه في التوقيت الذي أنشئ فيه، ولكن تغير الأمر جذريا وبدأنا نخفق في بعض الجوانب، خاصة أن بين الركاب مرضى». ضغط الانسحاب وأشار الملحم إلى أن انسحاب الشركتين المحليتين من العمل في بعض المحطات الداخلية، دفع الخطوط إلى العودة مجددا إلى المطارات التي انسحبت منها في وقت سابق «انسحاب الشركات وضعنا في حرج، لذا نفذنا خطة، وبدأنا نعمل، وزدنا عدد رحلاتنا الداخلية 25 %، ورحلات النقل الداخلي التي نغطيها وصلت إلى 73 % من النقل العام، وفي ظل الارتفاع والتضخم الذي يعيشه الشارع السعودي، إلا أن أسعار تذاكر الخطوط السعودية بقيت على ما هي عليه، رغم ارتفاع أسعار الطائرات والوقود، وتعد أسعارنا الأميز والأقل كلفة قياسا بالدول الأخرى، والدليل أن أسعارنا باقية منذ 16 عاما، الأمر الذي جعل شركات أخرى شاركت في تقديم هذه الخدمة، كطيران سما، تترك السوق لعدم جدوى الربحية من عملية النقل التي لا تحقق التكلفة التشغيلية، وما تحصله السعودية، من 15 ريالا، من عملائها المستخدمين لبرنامج سداد، جاء للموازنة بينهم وبين مكاتب السفر والسياحة، لو ألغيناها لصار لدينا زحام شديد، وانتهجنا هذا النهج لنعمل موازنة، والذي لا يعرفه الجميع أن التكلفة على الخطوط السعودية أكثر من مثيلاتها الدولية، حيث إن تكلفة بعض الرحلات تصل إلى 12 دولارا للكيلو الواحد، واستخدامنا لطائرات كبيرة يجعلنا ندفع هذه الأسعار، بينما ندفع 1.20 دولار للرحلات الدولية، فيما حرصنا على مناسبة الأسطول للناحية البيئية وعدم تأثيرها عليه».وأفاد أن نية الشركة تتجه خلال الأشهر المقبلة إلى إصدار بطاقات صعود للطائرة عبر الهواتف النقالة. رحلات جديدة وبرر المدير العام للخطوط السعودية الزحام المتكرر على كاونترات الحجوزات وإصدار التذاكر وخدمة عملاء الاتصال: «45 % ممن يقومون بعمليات الحجز فقط يسددون قيمة التذاكر، والرحلات ما بين مدينتي الرياضوجدة تمثل 25 % من حجم الحركة الداخلية، وفي المقابل تعمل السعودية على خدمة 7500 راكب في اليوم الواحد في الاتجاهين ما بين الرياضوجدة بواقع 12 رحلة يوميا، وستزيد الرحلات تدريجيا إلى 19 رحلة يوميا في الاتجاه الواحد. وسيتم تخصيص وحدة الطيران الأساسي بعدما تم توقيع خطاب نوايا مع شركتي الأهلي كابيتال ومورجان ستانلي، لتكونا المستشار المالي للسعودية». الانضباط قادم وطمأن الملحم عملاء شركته بقرب انتهاء عدم الانضباط الحاصل لبعض الرحلات الداخلية «الرحلات تشهد الآن استقرارا، وانسيابيتها أكثر من السابق، حيث أنهيت معاناة كثير من المسافرين من بعض الرحلات، التي كانت تشكل صداعا للمواطن، ولنا كمؤسسة ناقلة، والدليل على ذلك الرحلة من الرياض إلى باريس، التي كانت تمر بجدة ثم روما، لتستقر في باريس، وبفضل الله باتت الآن مباشرة من الرياض إلى باريس دون توقف». أنظمة قديمة وانتقد الملحم الأنظمة التقنية القديمة التي تستخدمها الخطوط «نظام الحجز السابق عمره 25 عاما، ووضعنا خطة لتطوير الأنظمة التقنية الحديثة عوضا عن الأنظمة القديمة الخاصة بالحجوزات وإصدار التذاكر، لأنها متهالكة وقديمة، ولا تواكب بأي حال من الأحوال الوضع الحالي للطيران، وهو ما دفع إلى تسخير كل الإمكانيات للعمل على تحسينها وتجديدها، وتحديث جميع الأنظمة الآلية في مركز مراقبة العمليات، وذلك لزيادة فاعلية الأداء لسرعة اتخاذ القرار فيما يتعلق بتأخر الرحلات وتعيين الرحلات الإضافية». تحديث الأسطول وبين الملحم أن الخطوط العربية السعودية قطعت شوطا كبيرا لتحديث أسطولها الجوي، وذلك بعد دراسة مستفيضة للاحتياجات التشغيلية على المدى القريب والبعيد، وتحديد الأمثل من أنواع الطائرات لكل خط جوي، بعد تحليل عوامل تشغيلية عديدة أخذت في الحسبان المسافة وعدد الركاب وعدد الرحلات، والمنافسة على المستويين الإقليمي والدولي، منها إضافة 30 طائرة للأسطول خلال العام الجاري، و 50 طائرة إيرباص، و 28 طائرة أخرى «الخطوط انتهجت نهجا لتزويد أسطولها بطائرات تتراوح أعدادها من خمس إلى سبع طائرات سنويا، عوضا عن شراء 100 طائرة عقب عقدين، ويأتي ذلك في إطار الخطة الاستراتيجية لتحديث الأسطول من خلال الاستحواذ على 82 طائرة من أحدث ما أنتجته مصانع الطائرات في العالم، بهدف مواجهة حركة السفر المتنامية على القطاعين الداخلي والدولي بتوفير السعة المقعدية اللازمة وتطوير شبكة الرحلات الداخلية والدولية بما يحقق تطلعات المسافرين الكرام، وتعزيز المكانة التنافسية للخطوط السعودية على المستويين الإقليمي والدولي». خطط النقاط وأشار الملحم إلى أن الشركة وضعت خطة استراتيجية «شملت إعادة هيكلة الطيران الأساسي، وإعادة الهيكلة التشغيلية لزيادة الإيرادات، ووضع خطة لتحديث الأسطول، ووضع خطة لتطوير الأنظمة التقنية، وإعداد خطة تسويقية تعتمد على نقاط الخطوط الجوية، ووضعنا في الحسبان نقاط الوصول من وإلى، وخففنا من عبء المسافرين، وهي خطة جديدة تساعدنا على المنافسة». وأوضح الملحم أن الخطوط السعودية قطعت شوطا بعيدا على طريق التطوير وأنجزت مراحل عديدة في مشروع الخصخصة وتطوير البنية التقنية وتحقيق نقلة نوعية في مستوى الخدمات في جميع مواقع الخدمة وعلى متن الطائرات، مع إعطاء الأولوية القصوى لإعداد وتأهيل الكوادر البشرية من أبناء الوطن طبقا لأحدث البرامج التدريبية في صناعة النقل الجوي. خطط تسويقية وتطرق المهندس خالد الملحم لأهمية الخطة التسويقية الاستراتيجية للمؤسسة، التي تهدف إلى تنمية الإيرادات، وتطوير منافذ البيع والاستفادة المثلى من السعة المقعدية في كل رحلة طيران، والتعامل مع المنافسة في المنطقة وفتح الأجواء بين الدول العربية مع تحسين مستوى القوى العاملة «ونعتمد على هيكلة قطاع التدريب وتحديث البرامج التدريبية بما يتوافق وتوجهات المؤسسة مع التعامل مع الجهات ذات العلاقة المباشرة بالعمليات التشغيلية، وأهمها الهيئة العامة للطيران فيما يتعلق بالبنية التحتية لمطارات المملكة». ولفت المهندس الملحم إلى ضرورة مراعاة ما يتعرض له قطاع الطيران من تقلبات وتغيرات، سواء في الأنظمة أو التشريعات، ومنها الأمنية التي تستلزم فرض إجراءات وقائية معينة، منوها بخطوة مهمة في التعامل مع الدولة والسعي الجاد إلى كسبها في استغلال الخدمات المقدمة منها .