يبدو أن الممرضات لا يكفيهن ما يعانينه أساسا من المجتمع، سواء من ناحية قبول دراسة هذا التخصص، والعمل في بيئات مختلطة ونوبات عمل مختلفة أو فترات طويلة، وضرورة الاحتكاك بالمرضى والمراجعين، أو من ناحية تدني نسب القبول الاجتماعي للارتباط بهن زوجات، وكأنهن منبوذات مجتمع! كل هذه الضغوط التي تعاني منها الممرضات لم تكن كافية ربما! فوزارة الصحة أضافت ضغوطا أخرى، بدءا من الرواتب الضعيفة التي لا تتجاوز أحيانا كثيرة 4000 ريال، والدورات شبه المفقودة لممرضات المراكز الصحية، والتأمين الطبي والإجازات، وحتى الالتحاق بالابتعاث، والشروط التعسفية لقبول العمل في أي مكان داخل المملكة، كلام جميل ولا اعتراض، ولكن الأقربين أولى بالمعروف، خصوصا أن هناك احتياجا وشواغر في مستشفيات المدن وفق تصريحات مسؤولين للصحف المحلية في الثلاث سنوات الأخيرة. لا تحتاج الممرضات السعوديات إلى عبارات الإنشاد وكوبليهات الإشادة المكررة، والتذكير بأول ممرضة في الإسلام الصحابية «رفيدة بنت سعد الأسلمية» رضي الله عنها، بل يحتجن إلى حلول عملية لمشاكلهن ومعوقات العمل لديهن، فمن غير المعقول يا سادة أن يكون عدد خريجات المعاهد الصحية تخصص تمريض أكبر بكثير من اللواتي يتم قبولهن وتوظيفهن، خصوصا مع وجود نسب عجز في الكادر التمريضي السعودي، واستمرار الاستقدام خصوصا من الفلبين! وربما سؤال جانبي - لا أكثر- عن إمكانية ابتعاث من تريد إلى الفلبين لدراسة التمريض كونها المفضلة لديهم، بعد أن اعتدنا على أخبار وصور وحكايا سيارات «نقل المعلمات» يبدو أن الدور حاليا على «نقل الممرضات»! وتساؤل آخر أمامي، من المسؤول عن فجيعة أسرة سعودية في ابنتهم الممرضة «مناهل» التي فارقتها أحلام شبابها وتبعثر مستقبلها إلى فتات مع اصطدام سيارة نقلها ب «تريلا» في مسيرتها اليومية 250 كلم من الدمام إلى هجرة «عريعرة»؟! أهي إدارة التمريض بالشؤون الصحية بالمنطقة الشرقية التي عينتها خارج المدينة؟ أم وزارة الصحة التي تكتفي بابتسامة الوزير، أم معاليه الذي لا نعرف سواه في الوزارة، فهو المكلف بخدمتنا والراعي لوزارته؟ رحمة الله عليك يا مناهل، وألهم أهلك الصبر.