ولا زال خبر رحيل الأديب المبدع عبدالله الجفري يرحمه الله يلقي بظلاله، وسيظل كذلك لفترة ليست قصيرة، لما لهذا الأديب الراحل من مكانة كبيرة في قلوب محبيه ومتابعيه. مثقفو منطقة الباحة كانت لهم وقفات لنعي الأديب الأستاذ عبدالله بن عبدالرحمن الجفري وذكرياتهم معه وما علق في ذاكرتهم من كلماته ومقالاته. إنسان المواهب المتعددة في البداية يقول رئيس النادي الأدبي بمنطقة الباحة أحمد حامد المساعد: رحل الأستاذ الأديب المبدع عبدالله جفري بعد معاناة مع المرض، لكن رحيله ليس كرحيل بقية الناس، إنما هو رحيل سراة القوم، بعدما أفنى عمره في الركض الجميل تحت لواء الحرف والكلمة، أديباً، وقاصاً، وروائياً، وصحفياً، فهو إذن إنسان المواهب المتعددة، وهو الذي أضاء عقولاً، ونمى وعياً، وعمق ثقافة عند المتلقي العربي. والأستاذ الجفري واحد من القلائل في المحيط الثقافي الذين يلتزمون بالمصداقية ويقرنون القول بالعمل في زمن كثر فيه المنافقون الذين يدعون إلى الفضيلة قولاً ويخالفونها عملاً، وهم الذين عناهم الله بقوله: ((كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُون)). ويضيف المساعد: إنني لا أجانب الحقيقة عندما أقول عبارات الافتخار بعلاقتي بالأستاذ عبدالله عبدالرحمن جفري الإنسان الخلوق، المتأنق خَلْقاً والمتألق إبداعاً.. إذ تمتد رفقتي له إلى أكثر من ربع قرن من الزمن خبرت فيها أي الرّجال هو، ويكفيه فخراً أنه انتقل إلى الرفيق الأعلى مخلفاً رصيداً فكريا يفوق في قيمته أعظم الأرصدة المالية. رحم الله أبا وجدي رحمة الأبرار، وأثابه أجراً عظيماً، فقد كان رمزاً لامعاً ليس في الفكر فحسب، وإنما في الوطنية أيضاً، وقد سال مداد قلمه كثيراً من أجل وطنه، ولا نملك إلا أن ندعو له بما نرى أنه يستحقه وهو في ضيافة رب كريم يشهد له بالوحدانية. أديبا فاعلا ويقول الأديب أحمد صالح السياري: رحل المبدع والرمز ولكن بقي أثره الذي سيعين الباحثين والدارسين في الحصول على بغيتهم من خلال ما سطّر يراعه الذهبي، فقد فقدت الساحة الأدبية رجلاً جعل قلمه خلال ثلاثة عقود من الزمن في خدمة الكلمة االرومانسية والجميلة المؤثرة، ثلاث عقود والاستاذ عبدالله بفكره النير المستنير يقدم الكثير في الساحة الأدبية. لقد كان رحمه الله أديبا فاعلا في عالم الكلمة ليس فقط على مستوى الوطن ولكن على مستوى العالم العربي كله، فالمكتبات تزخر بإسهاماته الأدبية الكبيرة، وإسهاماته الوطنية في المجال الإعلامي. دمعة قلم ويقول نائب رئيس أدبي الباحة الشاعر حسن الزهراني: كم كنت أتمنى والله أن يرى فقيدنا الغالي الأستاذ القدير عبد الله الجفري رحمه الله ما يُكتب عنه الآن قبل أن يغيّبه الموت عن أعيننا. أما عن أروحنا فلن يغيب أبدا فهو حيّ وسيبقى حياً ما دامت قلوبنا تنبض بالحب الذي تفيأنا ظلاله في رياض قلم الجفري الوارفة. كنت أتمنى أن يكون هذا الاحتفاء وهو بيننا ليرى ثمرة جهده وكفاحه ويعلم أن ما يكتبه من أحاسيس صادقة ومشاعر نبيلة ووطنية سامية وأدب رفيع لم تذهب سدى بل وجدت من يحتفي بها ويقدّرها حق قدرها ليموت مطمئن النفس قرير العين. يااا أبا وجدي: لقد راعنا والله فقدك وآلمنا رحيلك لأننا تعودنا على إطلالاتك البهية ونهلنا من معين ورشاقة قلمك دهراً وما أمرّ أن نفقد هذا التدفق الصادق ونحن في أمس الحاجة إليه في مثل زمننا القاحل. يا أبا وجدي: لقد رحلت وحيداً ولكنك تركت قلوبنا مجتمعة على حبك وهذا يكفيك. صاحب مداد ذهبي ويقول عضو النادي الأدبي بالباحة الإعلامي الدكتور عبدالله غريب: لم يكن للراحل أية مطامح دنيوية في سني حياته المليئة بتعب وهموم الحياة، ليس لذاته، ولكن لمجتمعه المحيط والخارجي، فعبدالله جفري قضى نصف قرن -تمثل ثمانين في المائة من عمره- في كتابة القصة القصيرة التي بدأها في الثمانينيات الهجرية والمقال الأدبي والرواية وكأنه والكتابه وُلدا توأمان، وكلنا نعرف من سيرته الذاتية غير المكتوبة أنه اكتفى بالمرحلة الثانوية نظرا لظروفه المعيشية الصعبة التي حالت دون مواصلة تعليمه، إلا أنه بمداد قلمه حقق ما لم يحققه أصحاب الشهادات في سماء الثقافة والأدب. لقد قدم الجفري أعمالا أدبية لأكثر من جنس أدبي في مجال القصة القصيرة، وكذا الرواية، وبقيت شمسه مشرقة للمكتبة العربية والإعلامية بما سطّر من رؤى وأفكار جمع فيها بين أطياف النصوص الأدبية. عبدالله جفري.. صاحب مداد ذهبي رصّع به جبين الذاكرة للمثقف العربي وليس المحلي فحسب، سيد الكلمة الرومانسية ويقول الاستاذ جمعان الكرت الكاتب الصحفي والمدير الإداري بنادي الباحة الأدبي: عبدالله جفري متميز في حديثه.. أنيق في هندامه.. مبدع في مقالاته.. صادق في تعبيراته.. قلبه أبيض، وكذلك قلمه. وقبل أيام قلائل توقف ذلك القلب الأخضر ليترك لنا حزنا كبيرا، والذي أتمناه من أمانة مدينة جدة أن يتم اختار المسؤولون في الأمانة شارعا مميزا يوسم عليه اسم الجفري تخليدا له واحتراما لجهده وتقديرا لجميع الأدباء على مساحة وطننا الغالي.