لقد نشأنا في هذا البلد على الأمانة والصدق في القول والعمل ، حتى أصبحنا نثق بمن حولنا من مختلف المقيمين كثقتنا بأنفسنا. ولأن الدين الإسلامي علّمنا كيف نتعامل مع الآخرين فقد اعتبرنا من حولنا إخواناً لنا ؛ يفرحنا ما يفرحهم ، ويؤلمنا ما يؤلمهم ، حتى أخذت منا الثقة مأخذها. وبين الأمانة عندنا والخيانة من غيرنا برزت سرقة الأموال في وضح النهار ، حتى أصبحت مراكز الشرط والادعاء العام تعج بالكثير من الشكاوى. والشواهد كثيرة ، أذكر منها - على سبيل المثال لا الحصر – أن شخصاً شكا عاملاً أجنبياً يعمل لديه في محل للمجوهرات ؛ قام بتغيير الذهب في المحل من عيار 21 إلى عيار 18 ، وسرقة فَرْق السعر (الزيادة). ولأن صاحب المحل كثير السفر فقد كان يمر على متجره ، ويشاهد أنه يغص بالأطقم والأساور دون أن يعلم أنه تم تغيير محتوى المتجر ، ولم يكتشف الأمر إلا عندما جاء موعد الجرد السنوي ؛ ليجد خسارته الكبيرة التي لم يتوقعها ، والتي بلغت ملايين الريالات. حالة أخرى تمثلت في القبض على مقيم آخر كان يعمل محاسباً في أحد معارض السيارات في القصيم بعد اختفاء مبلغ 500 ألف ريال من خزانة المعرض الذي يعمل فيه. وسائق يبيع سيارة كفيله ، ويقوم بإبلاغ الشرطة بسرقتها في غفلة من الكفيل. وقد تكررت هذه العملية من سائقين آخرين ؛ حيث كشفت شرطة الرياض الأسلوب الإجرامي بعد تورط أحدهم وانكشاف أمره حينما أراد بيع سيارة كفيله. عامل آخر يعمل راعياً للأغنام لدى أحد المواطنين في مدينة الحوية بمحافظة الطائف يُفاجأ كفيله بسرقة أغنامه وهروب الراعي من المزرعة ، دون أن يجد له أي أثر ، وهذا ينطبق على كثير من أصحاب الأغنام الذين سُرقت أغنامهم ، وهرب الرعاة بعد بيعهم الأغنام دون علمهم. هؤلاء الهاربون من العدالة وجدوا ملاذاً آمناً في مواقع أخرى عند هواة التستر ، ممن يضربون بأنظمة البلد عرض الحائط ، وأعطوا المجرمين الأمان والابتعاد عن العدالة. والحمد الله فإن مصير هؤلاء الخونة سيكون بيد العدالة عاجلاً أو آجلاً ، كما قال رجل الأمن الأول في هذا البلد الكريم ، صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز ، الذي أشار في أحد أحاديثه - يحفظه الله – إلى أنه (ولله الحمد لم تُسجّل في بلادنا قضية واحدة ضد مجهول). إننا نتمنى من الجميع الاهتمام بشؤونهم ، وعدم ترك الحبل على الغارب لمن يعملون لديهم ، وأن يعملوا بوصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما سأله سائل هل يعقل ناقته ويتوكل ، أم يطلقها ويتوكل ؟ فقال له: (أعقل وتوكل). حفظ الله لهذا البلد أمنه واستقراره.