مَنْ قال أن المطر لغة بكاء السماء؟ مُخطئٌ مَنْ قال بهذا الهُراء! بل السماء تعزف موسيقاها صباح مساء... حتى النجوم أطفال السماء ، تتمايل وتتراقص فرحًا وطربًا لموسيقى السماء... أي شيء جعلها تعزف موسيقاها , سوى التفاؤل! كل شيء فينا يحتاج للتفاؤل والفرح والمرح... في طفولتنا كنا نعيش حياتنا كما هي .. ننام ونصحو ونحن سعداء , نلعب ونلهو ونفرح حتى بقطعة صغيرة من الحلوى! وفيها أيضا كنا نلون و نُمَوْسِقُ كل الأشياء؛ لأننا -فقط- نراها ونسمعها بكل صفاء. نصحو فجرًا لنشهد أسراب عصافير متفائلة تحلق في الفضاء , فتتسمر أعيننا عاليًا , وأذاننا تهفو لسماع تغريدها المتفائل أيضًا! ثم نتسارع إلى التلفاز فنتحلق أمامه كفراشات ترى الأشياء كلها ألوانًا زاهية , مزخرفة! ونشدو كلنا مع تلك الأنشودة التي تدعونا للتفاؤل.. (تفاءلوا , تفاءلوا .. لتنعموا , لتسعدوا .. تفاءلوا , تفاءلوا) فنردد خلفها .. بكل سعادة وحبور .. و بواوات ممطوطة , و ألفات ممدودة.. (تفاءلوووااا , لتنعموووااا , لتسعدوووااا , تفاءلوووااا) هكذا كنا , وهكذا كانت أيام طفولتنا ... جميلة , سعيدة , مفرحة , مبهجة ؛ لأننا نعيشها كما هي دون هموم! فكبرنا , وكبرت مهامنا شيئًا فشيئًا , وصدّقنا مقولة أن الهموم تكبر وتنمو معنا , وتخيلنا أيضًا أن السماء عندما تهطل , أنها تبكي! كل شيء يدور ويحدث حولنا خلناه حزينًا , باكيًا , متأوهًا , يائسًا ؛ لأننا -وبكل صراحة- نحن من يرسل هذه الرسائل السلبية لدواخلنا , ونصدقها! أعلم كثيرًا أن أنفسنا متأرجحة ما بين شدٍ وجذب , نبتسم حينًا , ونكتئب أحيانًا! نفس لا يعلم كنهها إلا الله -تبارك اسمه- فتنتشي أنفسنا حينًا وتتراقص لهذا فرحًا وطربًا , و يخبو بريقها حينًا آخر فتنزوي في ركن هادئ حزينة مكتئبة , وما علمنا أن بين اليأس والتفاؤل شعرة , وأن بين الحزن والفرح خطوة ! يا الله ! هذه أنفسنا تتأرجح بين فرح وحزن , يأس وتفاؤل , راحة وقلق , بكاء وضحك .. فقل للفرح والتفاؤل والراحة والضحك , أن تعود أوردتها في كل ساعة يباغتها فيه همًّا أو يأسًا!