ربما نفيق ذات يوم لنجد أن الفساد الذي يجند السحرة والجن والشياطين أصبح عاريا أمام عدالة هي أقوى من الطلاسم وأشد من قوى الجن كلهم. ربما نستلهم من الأمم قبلنا ومن حولنا أن التقدم مرتبط بالضمير السليم القويم وأن التخلف مرتبط بالضمير المريض السقيم وحين لا يجد الضعيف ناصرا أو لا ينال الظالم العقاب فقد بات مجتمع هذا حاله من أصحاب القبور الذين لا يترحم عليهم أحد. حين نمعن النظر في قوله تعالى (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) وقوله سبحانه (ولا يفلح الساحر حيث أتى) وقوله عز وجل (إن الله لا يصلح عمل المفسدين) نوقن أن الصلاح والإصلاح فوق كل ضعف شيطنة وضلال سحر وتضليل إفساد. نقطة الصفر للتغيير في كل ضمير حر وقلب موقن وعقل واع وهي نقطة تظل ترسم مسارا لا يتراجع ولا يتردد حتى وإن رأى الخلق كلهم في طريق الغواية. في الحديث النبوي (لا يكن أحدكم أمعة، يقول: أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساؤوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا ألا تظلموا) وفي هذا ما ينقض المنطق الجاهلي في معلقة طرفة: وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد ولا عزاء حين يصدر بيان يبرئ أو يلتمس أعذارا لمن لم يجدوا سوى السحرة والشياطين يلتمسون بهم عذرا من طامة وقعوا فيها.