تصريحات عرقوب  د. محمد بن سالم الغامدي * يبدو ان بعض المسؤولين لدينا قد اتخذ من تصريحاته التي تتسم بالوعود الزمنية لانجاز مشروع من مشروعات مؤسسته رماداً يذره في عيون المواطنين للافلات من المساءلة وللاشعار بأن مؤسسته تسير وفق خطة مستقبلية دقيقة لكن الامر ما يلبث ان ينكشف بعد المدة المحددة في تصريحه والغريب ان مثل هؤلاء هداهم الله يصرون على ممارسة هذا الاسلوب مرة اخرى حيال نفس المشروع فنراهم يطلقون مثل تلك التصريحات وبمدد زمنية اخرى قد تفوق المدة الاولى التي سبق وان اطلقوها ولمثل هؤلاء المسؤولين اقول: الا تعلمون ان مصداقية المسؤول امام ولي الامر وامام المواطنين هي المعيار الاهم الذي يقاس به ويقيم اداءه المنشود عند فقدان تلك المصداقية يصبح الامر بعدها غير محمود او يصبح كالهباء المنثور وخاصة اننا أمة قد كرمها الله بقيم الاسلام الفاضلة والتي تحتل قيمة الصدق والصدارة فيها وهي المسار الذي ينطلق بالفرد منا الى جنة او جحيم. ولمثل هؤلاء اقول: ألا يوجد لدى مؤسساتكم خطط استراتيجية قد أحسن إعدادها وفق مدد زمنية دقيقة كما هو الحال في الخطط الاستراتيجية العلمية والتي من خلالها تطلقون تصريحاتكم الوعودية، فاذا كان الامر كذلك فاين دقة التنفيذ الا اذا كانت تلك الخطط تفتقد للادارة الناجحة او من الخطط التي بنيت على سياسة طقها والحقها المعمول بها في كرة القدم التي تفتقد للتدريب والتخطيط واذا كان الامر غير ذلك اي ان مؤسساتكم لا تتوفر بها مثل تلك الخطط فإن الامر هنا يستوجب التوقف كثيراً للمحاسبة والمساءلة على ذلك التفريط الذي يترتب عليه الكثير والكثير من الهدر في المال والجهد والوقت ايضاً، فالمواطن المستفيد من تلك المشاريع اصبح على قدر كبير من الوعي والادراك العلميين ولا يمكن ان تمر عليه مثل تلك التصريحات مرور الكرام والدولة رعاها الله لم تقصر ابداً في تقديم الدعم لتلك المؤسسات بما تحتاجه من المال المخصص لمثل تلك المشاريع ولم يتبقَ عليها سوى المحاسبة والمساءلة حيال مثل ذلك التفريط ولعل ما دفعني الى طرح هذه القضية الهامة هو ما نلمسه كثيراً خلال هذه المرحلة والمراحل الزمنية السابقة من اطلاق لمثل تلك التصريحات فعلى سبيل المثال لا الحصر قبل اربع سنوات تقريبا اطلقت وزارة المياه والكهرباء، وعداً بانتهاء مشروع الصرف الصحي خلال ثلاث سنوات من تلك الفترة وها هي بعد مرور اربع سنوات تطلق تصريحاً آخر بأن ذلك المشروع سينتهي بعد ثلاث سنوات من الآن اطال الله في اعمارنا جميعاً حتى نرى ذلك الموعد وقبل ذلك اطلقت نفس الوزارة تصريحات اخرى مماثلة لعملية توفير المياه لمدن جدة ومكة والطائف وها هي تلك المدة تنتهي والامر لا يزال كما هو عليه، ومشكلة المياه لا تزال تبحث عن حل، وفي وزارة النقل سمعنا قبل اكثر من عشرين عاماً عن مشاريع للسكك الحديد قد حدد لها أزمنة محددة لكن السنوات تمضي والوعود تتكرر ولا نعلم الى متى ينتهي الأمر. وفي مصلحة الطيران المدني سمعنا كثيراً عن تصريحات وعودية مماثلة لانجاز توسعة كبيرة لمطار الملك عبدالعزيز بمحافظة جدة وها هي السنوات تمضي والوعود تتكرر ولا يزال الانتظار جارياً، وفي وزارة التربية والتعليم سمعنا كثيراً عن مثل تلك التصريحات وخاصة فيما يتعلق بالمباني المستأجرة والمدارس الالكترونية والمقررات الرقمية وغير ذلك كثير لكن الامر لا يزال على ما هو عليه بينما التصريحات الوعودية تتكرر ونأمل ان نبدأ صفحة جديدة مع الوزارة الجديدة. لكن اليقين ان مثل تلك التصريحات لا تزال جارية ولا تقتصر على اعلى الهرم في كلمؤسسة بل تتدرج تنازلياً كل “ فيما يخصه وهذا أمر فيه الكثير من الخطورة لأن مثل ذلك يؤكد ان الداء نفسه قد استشرى في المؤسسة ويتطلب العلاج الناجع ولكل من يمارس هذا الاسلوب اقول ان عرقوب اصبح مضربا للامثال لانه اعطى اخاه اكثر من موعد لاطعامه من بلح نخلته لكنه لم يفي بذلك الوعد وهذا أمر نراه هيناً امام ذلك الكم الهائل من الوعود التي يطلقها بعض المسؤولين ولم تتحقق.. فهل اصبح لدينا الكثير من العراقيب؟! والله تعالى من وراء القصد. ____________________ * كاتب بصحيفة \"المدينة\" السعودية