الصحافة الورقية: إلى أين؟ أ. د. سالم بن أحمد سحاب * عِبَر تهاوي بعض المؤسسات الصحفية جديرة بالنظر والاعتبار. صحيح أن الظروف تختلف، وأن العوامل ليست مؤثرة بالقدر نفسه من دولة وأخرى، أو بين ثقافة وأخرى مغايرة لها، لكن الدروس المجانية تظل دائمًا مفيدة للناظر من بعد، فلعلّ وعسى. في الولاياتالمتحدة تحديدًا تراجعت مبيعات معظم الصحف، حتى أعلنت بعضها إفلاسها، وكان من أواخرها فيلادلفيا انكويرار وروكي ماونتن نيوز، الأولى تحمل تاريخًا يمتد على مدى 180 سنة، إذ صدرت 1829ه، والأخرى بلغت من العمر 150 سنة إذ صدرت عام 1859م. هذه الصحف ليست ضحايا لضعفها، لكنها سقطت بسبب الاقتصاد الأمريكي المتهالك. اليوم فتش عن الأزمة العالمية الاقتصادية عندما تبلغك أخبار بائسة من هذا النوع. خذ مثلاً روكي ماونتن نيوز التي تصدر في دنفر عاصمة ولاية كلورادو، والتي كانت تبيع قبل الأزمة قرابة 400 ألف نسخة يومية، وضعفها يوم السبت من كل أسبوع، ثم انخفض الرقم مع الأزمة إلى 210 آلاف نسخة يومية، و457 ألفًا يوم السبت، وصاحب ذلك بالطبع انخفاض ملحوظ في حجم الإعلانات ممّا أدى إلى إفلاسها، فكان آخر عدد لها يوم الجمعة 25 فبراير الماضي. الصحيفة نفسها حصلت عام 2004م على 4 جوائز بوليتزر الشهيرة في التغطية الصحفية المتميزة. الدرس الأول: الذي يجب أن تستوعبه الصحافة السعودية هو أن المخاطر عالية، وأن تكلفة البقاء كذلك عالية. لذا توجب عليها دراسة توجهات الناس عمومًا والوقوف على توقعاتهم ومتطلباتهم من الصحيفة اليومية التي تشبع نهمهم وفضولهم. الدرس الثاني: خروج بعض الصحف من السوق لا يعني إطلاقًا انقراض الصحافة الورقية من المجتمع بقدر ما يعني ترشيد القارئ للإنفاق، فالذي كانت تستهويه قراءة صحيفتين أو ثلاث، سيكتفي بواحدة، هي التي تشبع توقعاته، وتحقق رغباته.. هو تنافس سيشتد سخونة مع مرور الوقت، واشتداد الأزمة الاقتصادية. تلكم هي حال الدنيا.. انخفاض وارتفاع، صعود وهبوط، والذكي مَن عمل لما بعد الأزمات، واستعد لها تمامًا كالتاجر الذكي الذي يخطط للصمود يوم أن يفلس الآخرون. _________________ * كاتب يومي بصحيفة \"المدينة\" السعودية