(شرق) يجري وزير الداخلية الإيراني مباحثات مع المسؤولين البحرينيين الثلاثاء لاحتواء التوتر بين طهران والمنامة على ضوء تصريحات أدلى بها مسؤول إيراني بارز رأت فيها البحرين أنها تمس سيادتها واستقلالها. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية "إيرنا" أن صادق محصولي توجه مساء الاثنين إلى المنامة لإجراء مباحثات مع كبار المسؤولين البحرينيين تتعلق بتنمية التعاون الثنائي بين البلدين. وأشارت إلى أن محصولي سيسلم ملك البحرين، الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، رسالة من الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد. ونشب التوتر على خلفية تصريحات أدلى بها علي أكبر ناطق نوري، مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، في وقت سابق من هذا الشهر، وأكد فيها أن لإيران السيادة على البحرين. ويذكر أن بعض وكالات الأنباء شبه الرسمية الإيرانية كانت قد نقلت عن نوري تصريحه بأن البحرين كانت محافظة إيرانية ولها ممثل في البرلمان، منتقداً الشاه الراحل، محمد رضا بهلوي، الذي قال إنه "فرط" بالبحرين جراء ضغوطات أمريكية وبريطانية. واحتجت البحرين رسمياً الخميس على التصريحات الإيرانية، حيث أبلغ الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، وزير الخارجية، السفير الإيراني لدى المملكة، حسين أمير عبد الليهان الاحتجاج، مؤكداً له أن تلك التصريحات "تتعارض مع علاقات حسن الجوار بين البلدين ومع ميثاق الأممالمتحدة ومبادئ القانون الدولي والقوانين والأعراف الدولية." واعتبر الوزير البحريني أن ما نُقل عن نوري لا يخدم "تطوير العلاقات بين البلدين الجارين ومصلحة شعبيهما ومصلحة الأمن والاستقرار في المنطقة كما لا تتجاوب مع المبادرات العديدة التي طرحتها مملكة البحرين والرامية إلى تعزيز العلاقات وتطويرها." وإلى ذلك، انتقد رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، الاثنين محاولات بعض دول المنطقة الإيقاع وبث الفرقة بين الجمهورية الإسلامية ومملكة البحرين، مؤكدا أن إيران تحترم البحرين بصفتها بلداً شقيقاً وجاراً، طبقاً لوكالة أنباء "فارس" شبه الرسمية. وقال لاريجاني في مستهل الجلسة العلنية لمجلس الشورى الإسلامي "لاحظنا خلال الأيام الماضية محاولات لبعض دول المنطقة استغلال تصريح حول دولة البحرين، وقد شهدنا بعض السيناريوهات الملفقة تجاه هذا التصريح وأضاف قائلاً "إن هذه القضية واضحة جداً، إذ أن البحرين دولة جارة وشقيقة بالنسبة لنا ونحن نكن احتراما لها، حكومة وشعباً،" متسائلاً "عما وراء هذه المحاولات المشبوهة لبعض الدول لبث الفرقة بين البلدين،" وفق "فارس." وتابع لاريجاني "ربما هذه المحاولات جاءت من أجل صرف الأنظار عن القضية الأساسية والهامة والأولى للمسلمين و للعالم الإسلامي، وهي القضية الفلسطينية،" مضيفا "رغم أن نطاق هذه القضية اتسع سريعاً ، لكن وعي دول الجوار وحكمتها في اتخاذ المواقف، من شأنه أن يحدّ من تحقيق هذه المؤامرات." وكانت إيران نفت الأسبوع الماضي صحة ما نُسب إلى نوري، معتبرة أن علاقة طهران بالبحرين حالياً هي في "أفضل مراحل نموها على مختلف الأصعدة." وقال السفير الإيراني لدى البحرين، حسين أمير عبد اللهيان، إن ما جاء في الصحف المحلية على لسان نوري، "عار من الصحة،" حيث أن إيران "تؤكد دائما على سيادة مملكة البحرين وتحرص على استمرار تنمية العلاقات الثنائية" على حد تعبيره. وقد مرت العلاقة بين البلدين بمراحل عديدة أهمها بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 وشعار تصديرها الذي كانت تعتبره البحرين تهديدا لها باعتبار طبيعة التكوين المذهبي لكل منهما، حيث أكثرية سكان البحرين هم أتباع المذهب الشيعي، الذي يمثل المذهب السائد والحاكم في إيران. وطوال عقد الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي مرت العلاقات بين البلدين بعواصف عديدة أهمها عندما اتهمت البحرين طهران بتمويل جماعات شيعية لقلب نظام الحكم وإثارة القلاقل في صفوف الشيعة، في وقت كانت قد بدأت فيه الحرب الإيرانية العراقية وكانت البحرين من الداعمين للعراق. وبلغت العلاقات بين البلدين ذروة التوتر عام 1996 عندما اكتشفت البحرين -بحسب الرواية الرسمية- تنظيما سريا باسم حزب الله البحرين، وأن "المراد منه التآمر لقلب نظام الحكم، وأنهم تلقوا تدريبات في طهران." واتخذت عقب ذلك قرارا يقضي بتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع إيران إلى درجة قائم بالأعمال. بيد أن العلاقات بين البلدين شهدت منعطفا جديدا منذ عام 1997 بُعيد انتخاب محمد خاتمي رئيسا لإيران، تبعه تسلم حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم إثر وفاة والده، فتم تبادل السفراء في عام 1999. لكن الأهم في هذه التطورات هي زيارة الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى طهران، وزيارة الرئيس خاتمي إلى المنامة، وتعتبر هاتان الزيارتان تحولا مهما في تاريخ العلاقات بين البلدين. ففي المجال السياسي أسفرت الزيارات المتبادلة عن إجراء العديد من المباحثات التي تتضمن قضايا رئيسية بما في ذلك المسائل السياسية الإقليمية وتوقيع العديد من الاتفاقيات وتشكيل لجنة متابعة مشتركة بين البلدين