تجاهل مهاجرون جزائريون ومغاربة الخلاف الكروي الغاضب الذي نجم عن مباراتي المنتخبين الجزائري والمصري المؤهلتين لنهائيات كأس العالم 2010، وانتفضوا إثر مقتل عامل مصري مهاجر على أيدي مهاجرين بيروفيين. فقد شارك مهاجرون جزائريون ومغاربة ومصريون في أعمال شغب في ضاحية بادوفا بمدينة ميلانو الإيطالية وحطموا واجهات محلات تجارية وقلب سيارات وحرق بعضها خلال اليومين الماضيين، إثر حادثة اعتداء الذي تعرض له مهاجر مصري في التاسعة عشر من عمره، يدعى حامد محمود الفايد. وجاء تفجر أحداث العنف هذه إثر وفاة الفايد، متأثراً بجروح خطيرة أصيب بها نتيجة شجار شارك به مواطن مصري وآخر من ساحل العاج مع مهاجرين من أمريكا اللاتينية، وتحديداً من بيرو. وقالت وكالة الأنباء الإيطالية "آكي" إن مجموعة من المصريين وعرب من شمالي إفريقيا يقدر عددهم بنحو 100 قد قاموا ليلة السبت بأعمال شغب بميلانو بضاحية بادوفا، حيث قاموا بتحطيم بعض السيارات وواجهات المحال الزجاجية أثر مقتل شاب مصري (19 عاما) على يد مجموعة من مهاجري أمريكا اللاتينية بعد مشاجرة نشبت بينهما بحافلة نقل عام. ونقلت "آكي" عن مصادر أمنية قولها إن "أعمال شغب ثارت في أحد شوارع ميلانو (شمال) إثر اعتداء خمسة من المواطنين الجنوب أمريكيين (من بيرو) على ثلاثة مواطنين اثنين من مصر وثالث من ساحل العاج، مما أسفر عن مقتل أحد المصريين." وذكرت بأن "السلطات الإيطالية تكثف جهودها وتحرياتها من أجل إلقاء القبض على الجناة ومراجعة كاميرات المراقبة الموجودة في الشارع الذي شهد مقتل المواطن المصري." وقالت الشرطة الايطالية بميلانو، إن مهاجرين جزائريين ومغاربة كانوا على مقربة من مكان الحادث، دخلوا في اشتباكات مع عناصر الشرطة وكشفت مصادر، أن الشرطة الإيطالية تمكنت من التعرف على حوالي 40 مشاركاً في أعمال العنف غالبيتهم من المصريين، وبينهم مقيمون غير شرعيين من المغرب والجزائر حاولوا التعاطف مع الضحية المصري، وفقاً لصحيفة الشروق الجزائرية. وذكرت وكالة انسا الإيطالية للأنباء أن قرابة مئة شاب يتحدرون من شمال أفريقيا حطموا 17 سيارة، وهدموا خمسة متاجر تعود ملكية غالبيتها إلى مهاجرين من أميركا الجنوبية. وقالت صحيفة "الهداف" الجزائرية في نسختها باللغة الفرنسية "إن الشاب المصري قتل في حافلة لنقل الركاب بأيدي مهاجرين من أميركا الجنوبية، ما أثار الجالية الجزائرية، فانتفضت ضد الجريمة وأحرقت العجلات في الشوارع وأدت احتجاحاتها إلى تخريب بعض السيارات وواجهات محلات تجارية." ونقلت دنيا الوطن عن الصحيفة قولها: "أبدت مجموعة الجزائريين الغاضبين على مقتل المهاجر المصري مقاومة شديدة في مواجهة عصابات منظمة للمهاجرين القادمين من أميركا الجنوبية بعد الحادث الذي اهتزت له أوساط الجاليات القادمة من شمال أفريقيا." ووصف رئيس بلدية ميلانو، ريكاردو دي كوراتو، المنطقة بأنها تشبه صراعات الغرب الأميركي، بين عصابات مهاجري شمال أفريقيا وعصابات مهاجري أميركا اللاتينية، كما أفادت صحيفة الشرق الأوسط الصادرة من لندن. وقالت الشرطة إنها تعرفت إلى أكثر من 30 شخصا شاركوا في أعمال الشغب، أكثرهم من المصريين، وكان عشرة من المصريين يقيمون بشكل غير شرعي، واحتجزت الشرطة أربعة. وما زالت الشرطة تبحث عن الأميركيين الجنوبيين، الذين يعتقد أنهم مسؤولون عن مقتل الفايد، الذي قيل إنه وقع بعد مشادة في حافلة. من جانبه، عبر إمام مسجد ميلانو، محمود عساف، عن أمله ب"ألا تؤدى الأحداث المؤسفة التي شهدها شارع بادوفا إلى أن تقوم السلطات بعزل الحي"، في إشارة إلى أعمال شغب اندلعت شمال شرقي المدينة إثر مقتل شاب مصري على يد مهاجرين من أمريكا الجنوبية. وطالب الإمام في تصريح لوكالة "آكي" الإيطالية للأنباء "بتواجد مكثف للحكومة ولكن ليس فقط بشكل قوات أمنية"، مضيفاً "أننا ندين أعمال العنف التي تسببت في الكثير من الإزعاج، وأن بيت الثقافة الإسلامية الذي يدير مسجد 'فيا بادوفا' يعمل من أجل تهدئة الجالية المصرية وترك السلطات المختصة استكمال تحقيقاتها" حول ملابسات الحادث. هذا "التضامن مع الدم العربي"، كما وصفه بعض الجزائريين، الذي أظهره عرب شمال إفريقيا، من جزائيين ومغاربة، يأتي رداً على تلك التي أثارتها حساسيات كرة القدم والتعصب الأعمى، الذي أفرزته مباريات كرة القدم مؤخراً، والذي ما زال بعضه قائماً حتى الآن. ويؤكد هذا الحدث بالنسبة للبعض ما ذهب إليه المثل العربي الشائع "أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب"، في حين قال البعض بمثل آخر هو "عمر الدم (العربي) ما بيصير ميّة." وبهذا يكون دم المصري الفايد الذي سال في شارع بادوفا بميلانو قد أصلح ما خربته كرة القدم بين البلدين