شاسعة البياض صفحتي .. لا يَفُضُّها سواد الكلام ولا معنى الجدوى..أقف مُشرِفاً عليه..مُتنفخاً أملاً وإرادة وما أن اتقدم صوبها حتى يفرغني الحزن والحقد وضباب الوقت إلى مظروف ورقي مُجعلك مهترئ ..تتقاذفني الرياح ثم تلقيني في عين إعصارها حيث سكون الخيبة والانتهاك إذ هو معيارنا الصارخ الذي يحكم مسارنا اليوم ويقودنا إلى اقاصي البياض دون كلمة تحرسنا أو على الأقل تعود بنا إلى حدود ما قبل هذا المجهول المخيف الخالي من الشاعرية الوطن.. كل ما حولنا فراغ ولا أفق يلوح أغنية للأرض المنكوبة .. ولا نمكلك سوى الصراخ الذي يصمُّ الآذان إذ ما أصعب صراخ العجز حين يمتزج بقهقهات العالم الجديد الذي يزجُّ بنا نحن الأرقام والأوراق في درب الآلام الأزلي العذاب والنهش ولكن هذه المرة بأناقة وابتسامة فتّاكة .. كلنا مظاريف ورقية يجمعنا اسم المرسل : جاهل ؟!.. وإما العنوان ..فلا عنوان للتائهين الممزقين .. والمُرسل إليه نكتبها بحبر الخجل : السماء .. فإذا كانت مُنشغلة بأمور أخرى فإلى السيد المحترم المستقبل ابن ماضينا التليد .. وللتأكيد نكتب في مقدمة البياض : نحن أحفاد الشرق أصحاب المهد والحياة والحضارة نحيا الآن في جادة الحاضر المتهالك الواقعة قسراً في العالم السفلي ..عالم الموت وفوضى العواء.. العزيز المستقبل .. إننا ندعوك بفائق الاحترام إلى تأخير قدومك إلينا قليلاً لأننا لسنا على أتم الجاهزية والاستعداد لأسيتقبالك في الوقت الحالي .. وحتى إمكانية استشرافك لا قدرة لنا عليها في آنيتنا التعيسة التي نحياها .. بأمسّ الحاجة فيه إليك .. وحسب اعتقادنا المتواضع فإنك تمتلك حلاً واحداً على الأقل من اجلنا .. فأسعفنا به .. مع علمنا المسبق إننا لا نعلم ماهية هذا الحل .. العزيز المستقبل .. لمراسيم استقبالك ينقصنا الحلم وبعض المطر وسماء واحدة فقط .. إما الأمور الأخرى مثل الحشود وأكاليل الورد والغار والتصفيق الحار والأغاني الثورية فإننا بارعون في تدبيرها بسهولة .. ولكن للأسف لن يكون هناك أطفال في حفل الاستقبال لأننا لاندرك كيفية نصب الأراجيح على سواعد وأكتاف الأشجار من اجلهم .. ولكن يمكننا تدبير الأمر إذا ما توّفرت لنا أصناف الحلوى التي يُفضّلها الأطفال لذكرها لك في هذا المقال . العزيز المُستقبل .. علينا أيضاً أن نعترف لك بالسبب الرئيس الذي يقف عائقاً كبيراً بيننا وبينك .. إذ من شدة هوْل وثقل ما نحمل من مبادئ وشعارات "وإيديولوجيات" مِنّا سقط في حُفر التحجّر والخديعة .. ومنّا من يتمتّع ولله الحمد بقدرة هائلة على الصمود بعضلاته القوية لدرجة إن كل هذه المبادئ والشعارات تحولت إلى – ستائر لا داعي لذكر ألوانها هنا- نُهرِّبُ من خلالها اكبر قدر ممكن من الانتهازية والمصالح الفردية والقبلية وسط خراب الشعب وتهليله المفجوع لنا .. لذلك فإننا نطلب منك تأجيل القدوم لعقدٍ آخر أو عقدين كي لا تَفْسدْ .. أفلا ترى مصائرك في الماضي .. إذ صدقاً نحن لا نريد إن نشتري بمثنٍ بَخْسٍ زُقاقاً من التاريخ نُكَدّسُ فيه مستقبلنا الضائع .. لذلك نريد .. بل يجب أن نكون مُستعدين لبناء صَرْح شامخ لنا ولك في التاريخ .. أليس كذلك ؟ إذن لا تقلق قد يطول الأمر ولكننا لن نبقى هكذا أبداً .. وإيماناً بضرورة أخذك بعين الرأفة هذه الرسالة يعزّز في داخلنا الحاجة إلى النهوض والتقدم .. كما إننا ومن اجل البناء سنعمل على فتح باب النقاش والجرح والتعديل وسنعمل على عرض قبائل الإيديولوجيات على الملأ والشمس .. أمام أمهاتنا وأطفالنا وزيتوننا .. مع أدراكنا أن هذا سيكون صعباً علينا ولن يتبقى لنا شيء في النهاية من حلمنا المذكور أعلاه ..إلا إننا على إستعدادية تامة للتضحية بأغلى ما نملك من اجل التجدد .. هل هذا يرضيك ؟ الاسير باسم الخندقجي عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني سجن بئر السبع المركزي