بات من الواضح أن شبكة الإنترنت تُعد من أهم قنوات الاتصال للجماعات التكفيرية المتطرفة من فئة البغي والضلال تبثُ من خلالها فكرها ومنهجها وأيدلوجيتها المتطرفة لتجنيد الشباب في خلاياها الإرهابية والتي تشهد سجالا وحرباً فكرية ، حيث يوجد الكثير من الشباب في غرف الدردشة والمنتديات المنتشرة والفيس بوك واليوتيوب والتوتير، مستغليين حيرتهم وسذاجتهم وقلت علمهم الشرعي و الثقافي والمعرفي ،وجهلهم بكثير من المسائل التي أداء عدم الإجابة عليها من قبل كثيرا من العلماء إلى توجه شريحة كبيرة من الشباب إلى اخذ الفتوى من غير مصادرها الشرعية (شيوخ النت)مثل المقدسي وأبو أسيد الفلوجي وأبوعبدالله النجدي وغيرهم ،من منظري الإنترنت ، الذي يلوون أعناق النصوص من خلال كثيرا من مواقعهم وإصداراتهم المنتشرة في كل مكان. تجاوزت في أخر إحصائية لها أكثر من عشرين الف موقع مثل صوت الجهاد ،والسيف البتار ، وصدى الجهاد وموقع "الخنساء ،وغيرها وقد استطاعوا من خلال هذه المواقع المشبوهة أن يروجوا لخطابهم التكفيري لتجنيد كثيراً من الشباب في خلاياهم الإرهابية.بعد أن اصبحت الإنترنت بنسبه لهم ميدان حرب ، خدمتهم فيها هذه التقنية ً من خلال توفير الكثير من الدعم والمساندة والبحث عن معلومات حساسة تهمهم ، مع الاتصال والتنسيق بأقل تكلفة ، والتبعية في تجنيد ارهابين ،والحصول على التمويل ، بل تعدى ذالك إلى تعليم التفخيخ والتفجير وصنع المواد المتفجرة والأحزمة الناسفة ،الذي يأتي في مراحل متأخرة بعد أخذهم المُغرر به إلى غرف الدردشة، والتأكد من ولائه لهم ثم يقاد لمعسكراتهم السرية التي يكتنفها الغموض. وقد ساعدهم في ذلك كثيراً من الأمور: منها غياب الفكر المعتدل المواجه لنشاط هذه الجماعات التكفيرية المتطرفة البارز على مواقع الإنترنت الحوارية والذي كان من الممكن أن يكون له دور كبير في تصحيح بعض الأفكار ومناقشتها من قبل كثيرا من المختصين. وقد ساعد أيضاً الجماعات التكفيرية على رواج خطابهم التكفيري غياب الرقابة الذاتية والأسرية، ثم أن المتطرفين يعلمون أنهم خسروا المعركة ميدانيا أمام رجال الأمن البواسل بضرباتهم الأستباقية الموجعة لهم فلم يعد لهم إلا الإنترنت الذي تحول بنسبة لهم إلى ساحة قتال وحرب فكرية ،وهذا ما أشار إليه أحد قادة الإرهاب عندما ذكر بالحرف (إننا نخوض أكثر من نصف معركتنا في الساحة الإلكترونية والإعلامية)لقد خدم الإنترنت الخلية الإرهابية من حيث تضخيم الصورة الذهنية لقوة وحجم تلك الخلايا التي تمتلك عدداً قليلاً من الأفراد لديهم خبرة كبيرة بالإنترنت لا أكثر وظفته لخدمة أهدفها.ولعل أكثر الأشياء التي ساعدت على رواج خطابهم عبر مواقعهم أن الظاهر والمعلن في خطابهم أنه ينبني على أصول قد يتفق الجميع على المسلمات بها مثل مقاومة المحتل ،ورفع الظلم ونُصرة الأمة والمستضعفين ،إنكار مظاهر الفساد ،وتحلل المجتمع، لتحريك دوافع الإعتراض والعمل والمساعدة على تشكيل الإتجاه المتطرف لدى المتلقي ،والدعوات إلى إحياء سنة الجهاد الفريضة الغائبة بحسب توجههم التي هجرها الناس لفساد المعتقد وضلال العلماء في نظرهم من خلال بيان أن المنهج الحق هو(ما وفقهم الله إليه) مستغليين في ذلك الخطاب الترويجي كل مايملكون من بلاغة وفصاحة مستهدفين بلدنا التي اصبحت تمثل بنسبة لهم هدفاً نموذجيا لوجود شباباً يملكون وعياً دينياً مميزاً مقروناً بجهل سياسي، وفيها مجتمع ميسور وكريم ومتحمس لنصرة الغير ، فأصبحت بلدنا السعودية وطن المقدسات ومهبط الوحي ومنبع الرسالة هدفاً مغرياً للجماعات الإرهابية أكثر من أي بلد في العالم والسؤال الذي يطرح نفسه علينا بقوة بعد أن أعلن العدو أن عقيدتنا وبلدنا وشبابنا هدفه واستبدل سلاحه علينا بجهازه المحمول ، معتبره اشد قصفاً وبلاءاً ودعا شبابنا إلى ساحته على الشبكة العنكبوتية ومن خلال مواقعه ومنتدياته ومنشوراته المشبوهة ومضامين خطابه الذي لا يستند إلى واقع. ماذا نحن فاعلون؟ بعد أن استغل دعاة الضلال شبكة الإنترنت وسيلة لتحقيق هذه الغاية الدنيئة التي تنعكس آثارها سلباً على أمن هذا الوطن واستقراره ومستقبل أبنائه وسمعتهم في الداخل والخارج وتشويه صورته لدى العالم أجمع إذاً يجب أن يتحمل كلاً منا مسؤولياته في الحفاظ على أجيالنا من فيروس النت الفكري الذي حول فيه أعدائنا أبنائنا إلى سهام في نحورنا. من خلال الحلول التالية : 1) ضرورة إيجاد البديل القوي والمنافس على شبكة الإنترنت، وأن تتضافر جهود علماء الشريعة والتربية مع جهود الجهات الرسمية ورجال المال والأعمال في هذا السبيل.2) أهمية المبادرة بتعريف الشباب بشبهات المنحرفين فكرياً والرد العلمي عليها قبل وصولها إليهم من خلال مواقع الإنترنت. 3) تحصين الشباب فكرياً ودينياً وثقافياً، والحرص على بناء محتوى وطني مميز في الإنترنت،وفق خطة تراعي تمايز المشارب والأذواق، تتيح للشباب الانخراط في أنشطة ثقافية وإبداعية متنوعة، تستهدف تنمية المهارات التي يتمتع بها الشباب، ولا يجد لها متنفسا حقيقيا تستطيع من خلاله التعبير عن نفسه.4) أن الجهود المبذولة حاليا على الشبكة لا بد من تحلي القائم عليها بعدة صفات، من أبرزها الصبر والرفق والحلم والالتماس الحواري للأعذار والتنازل والتواضع والاستماع. إن المتابع للمنتديات المشهورة ليجد فيها من يحمل فكراً سليماً وحساً وطنياً ولحمة اجتماعية. 5) الاستفادة من تجربة الأخوة الزملاء في حملة السكينة التي حققت جهوداً طيبة من خلال مراجعاتها مع المتعاطفين أو المؤيدين للعمليات الإرهابية والتي أشاد بها سماحة المفتي أثناء اللقاء به في برنامج تدشين موقع حملة السكينة مع بعض التائبين بعد تصحيح افكارهم من قبل القائمين على الحملة 6) الاستفادة من الخبرة الكبيرة والعريضة التي تمتلكه وزارة الداخلية فيما يخص الأمن المعلوماتي والتي حققت نجاحات كبيرة تم من خلالها القبض على الكثير من المنظرين ورموز الفكر عالإنترنت الذي كانوا يعملون بأسلوب علمي وذكي ولعل المعلومات التي أنقذت بها المملكة العالم من وقوع كارثة محتملة من خلال الطرود البريدية القادمة من اليمن شاهد على هذا النجاح والخبرة العريضة التي يجب الاستفادة منها. في هذه الحالة سوف يعلن العدو المتربص إفلاسه ونكون بذلك قد أغلقنا وجففنا أهم منافذ ومنابع الإرهاب في وجهه .. يقول سمو الأمير نايف (( تبرز أهمية النشاط الفكري في أن يتساوى مع النشاط الأمني مشيراً إلى أنهما إذا لم يكونا متساويين فإن التضليل سيبقى موجوداً في الأذهان (( د.محمد بن حمود الهدلاء باحث وأكاديمي متخصص في الشؤون الأمنية والقضايا الفكرية ومكافحة الإرهاب. د.محمد بن حمود الهدلاء