دشن الرئيس العام لشؤون الحرمين الشريفين "الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس"؛ البرنامج الوطني الوقائي للطلاب والطالبات "فطن" بالإدارة العامة للتعليم بمنطقة مكة، اليوم الاثنين "26-1-1437ه" بمسرح الإدارة بالعزيزية. جاء ذلك بحضور مدير عام التعليم بمنطقة مكةالمكرمة "محمد بن مهدي الحارثي"، ومدير شرطة العاصمة المقدسة "العميد سعيد القرني"، وعدد من مسؤولي الإدارات الحكومية بمكة، وما يزيد على 200 قائد تربوي.
وفي بداية الحفل نوه "الحارثي" في كلمته إلى اهتمام الدولة رعاها الله بالشباب وتوفير كل ما يسهم في حماية فكرهم وعقيدتهم؛ إيماناً منها بأهمية دور الشباب في الأمة؛ فبهم تبنى الأمم وتقام الحضارات، مشيراً في الوقت ذاته إلى ما توليه وزارة التعليم ممثلة في الوزير "الدكتور عزام الدخيل" من اهتمام ومبادرة بحماية الأفكار لدى الشباب مما يعترضه من أفكار هدامة لعقيدته ومجتمعه، وما تمر به بلادنا العزيزة يتطلب من الجميع، وخاصة الشباب، أن يكونوا على قدر كبير من اليقظة والحذر، ومواكبة الأحداث بمستوى عالٍ.
وبين "الحارثي" أن هذا البرنامج الذي أطلقته وزارة التعليم يأتي لتحصين الطلاب فكرياً واجتماعياً بمجموعة من المفاهيم والمهارات والاتجاهات وتنمية الولاء والانتماء للوطن وترسيخ قيم الاعتدال والوسطية ونشر ثقافة الحوار والاختلاف ونبذ أشكال العنف والتطرف الفكري.
ولفت "الحارثي" إلى أن هذا البرنامج الهام جاء ليؤكد الهدف الذي يسعى له الجميع في حماية أبناء الوطن من الأفكار الهدامة؛ فبتكامل الجهود وتوظيف البرامج والمشروعات يصنع لنا جيل وطني فطن ذكيّ قادر على مواجهة مشكلاته والتعامل معها، مناشداً قادة المدارس أن يحرصوا على تفعيل هذا البرنامج في مدارسهم ومع أبنائهم الطلاب لنجني جميعاً ثمرته قريباً.
واختتم "الحارثي" حديثه بأن برنامج "فطن" يأتي إيماناً من وزارة التعليم بدورها الرئيس ورسالتها السامية في تنشئة جيل مؤمن بدينه، وسطي في منهجه، محب لقادته ووطنه، وإبعاده عن الانتماءات المشبوهة أو تبني أي أفكار ضالة لا تستند إلى علم أو حقيقة، هدفها فقط استهداف فئة الشباب.
عقب ذلك شاهد الجميع عرضاً مرئياً لبرنامج "فطن" وأهدافه وأهمية تفعيله في أوساط الطلاب والطالبات، بعدها شاركت ابتدائية الإمام البخاري بأنشودة جماعية عن برنامج "فطن" لاقت استحسان الحضور، ثم قصيدة شعرية ألقاها أحد الطلاب.
بدوره أكد راعي الحفل "الشيخ عبدالرحمن السديس" على ضرورة التعاون والتكاتف في تعزيز قيم الوسطية والاعتدال في نفوس أبنائنا وشبابنا والمحاذرة من مسالك التطرف والغلو والتكفير والتفجير والإرهاب، وغيرها من أنواع التطرف الأخرى؛ كالتميع، والذوبان، وموجات التشكيك والانبهار مما عليه غير المسلمين، وأخطر من ذلك حجز الثقافة والتخلي عن المبادئ الإسلامية التي تربينا عليها جميعاً، مشيراً إلى أن مبادئ الدين أتت على حفظ الضرورات الخمس، والدولة منذ تأسيسها عملت على تثبيت القيم الدينية والوطنية لأبنائنا وأبناء المسلمين جميعاً.
وقال: إن فئة الشباب ينبغي الاعتناء بها في مجال الروح ومجال العقل والفكر والتربية وبناء الأجسام؛ لتكون أرواحًا وعقولاً وأجسامًا في منظومة بناء المجتمع الإسلامي فلا يغلب جانب على آخر.
واستغرب "الشيخ السديس" من احتياط الناس لكل وباء جسدي أو صحي، لكن وباء العقول والأفكار يتساهل البعض به، موضحاً أن خطر الوباء الفكري والعقلي أخطر مما يتعلق بالجسم من أمراض.
وأضاف أن دور المعلم والمدرسة كبير من خلال تنفيذ مثل هذه البرامج الهادفة التي تسعى، وبمشاركة تكاملية وفاعلة مع الجهات الأخرى؛ إلى حفظ شبابنا من السقوط في براثن الانحراف السلوكي والفكري، واستثمار البرنامج في مساراته الميدانية والإعلامية للاستفادة من المعلم القدوة، والمنهج الدراسي والأنشطة المصاحبة، ومصادر التعلم الثقة، عاداً كل من يروج لتلك الأفكار خوارج وجدوا منذ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وبقيت على مر التاريخ تعيد نفسها بتجدد أدوارها.
وأكد "الشيخ السديس" أن وسائل الاتصال الجديدة أذكت أفكار تلك الفئة الضالة في ظل غفلة الأسرة والمجتمع والمسجد والإعلام والتعليم وكل قنوات المجتمع كلها؛ مما يتطلب منا نقلة وقفزة وحذراً مهماً قبل أن تقضي هذه الفئة على شبابنا.
وحذر من الانجراف لمثل هذه الوسائل، وأن يتقدموا لمثل هذه البرامج النافعة؛ لأن مسالك التكفير والتفجير شوهت صورة ديننا ورماه أعداؤه بالإرهاب من خلال تصرف فئة شاذة في المجتمعات الإسلامية، وإلا فديننا دين الوسط والاعتدال، ونحن اليوم نعيش حرباً فكرية وإعلامية من خلال مواقع التواصل التي يجب أن تستثمر في بناء الإنسان لا في هدم قيمه وأصوله والاستثمار في الشباب، والإنسان هو الاستثمار في الوطن واستثمار الدين في أن نقدمه للعالم أجمع بأن نقدمه بصفائه ونقائه وتسامحه وعفوه وحواره.
وأضاف أن العالم اليوم ينشد وينظر إلى أبناء الأمة الإسلامية، ونحن حينما نقول ذلك فإنه من باب الحب لهم ومن باب الشفقة عليهم، ونحن على ثقة بربنا أولاً ثم بولاة أمرنا، وأيضاً بأصولنا وثوابتنا، كما أننا على ثقة بشبابنا. مبيناً أن المشروع الأعظم في شبابنا من يتحلى بالمنهج السليم والوسطي المعتدل ومن يضع يده في يد ولاة أمره وعلمائه.
وشدد على المراقبة الأسرية على الأبناء، وخاصة في ظل انتشار وسائل التواصل الحديثة وتعددها، فيجب أن نوجه الأبناء قبل أن يقعوا؛ فحرب الشبهات أخطر من حرب الشهوات لأن نصل بأن يكون شبابنا فطناً.
وعد "الشيخ السديس" أن القاعدة و"داعش" كلها عصابات إرهابية، والتي ثبت لجميع العقلاء والعلماء والنبلاء، ولم يعد اليوم مسلكها خافياً على أحد. ووجه رسالته للشباب بأن يخشى أن يحل بمن لم يكن فطناً بأن يحل محل غيره ممن سلك مسلك هؤلاء الضالين، فعليهم أن يسلكوا مسلك الصالحين والأنبياء والعلماء، وليعلموا أن تلك الهجمات تهدف لهدم وحدتنا الدينية والوطنية.
عقب ذلك دشن "الشيخ السديس" البرنامج الوطني الوقائي للطلاب والطالبات "فطن"، ثم سلم مدير عام التعليم بمنطقة مكة "الأستاذ محمد الحارثي" هديةً درعاً تذكارياً، مع حقيبة تحتوي على الدليل العلمي والدليل التنظيمي لبرنامج "فطن" لفضيلة "الشيخ عبدالرحمن السديس".