شدد الكاتب والمحلل السياسي الدكتور خالد الدخيل على أن "عاصفة الحزم" تثبت أهمية وجود القدرات العسكرية للدولة، وتتعزز القوة بوجود الإرادة السياسية لتوظيفها لحماية أمنها الوطني. لافتاً إلى أن "الدولة التي لا تملك قوة عسكرية ضاربة هي دولة ناقصة!". وأضاف بأن "الحزم" ستعيد رسم خارطة توازن القوى في المنطقة، مشيراً إلى أنها موجَّهة عسكرياً ضد الحوثيين، وسياسياً واستراتيجياً ضد إيران، والهدف منع إيران من أن تكون طرفاً في توازنات القوة في الجزيرة والخليج؛ إذ إن إيران لا تستخدم أسلوب المواجهة المباشرة، بل توظف العامل المذهبي في تكوين مليشيات تزرع القلاقل في المنطقة، وتبدأ بالتغلغل عبرهم، وتوفر لهم التمويل والعتاد العسكري. وأضاف بأن "المشكلة المتمثلة مع إيران هي مشكلة نظام سياسي، وعنصر المفاجأة كان العلامة البارزة لعاصفة الحزم؛ فقد فاجأت الجميع؛ لأنها بمنزلة أول حرب بقرار سعودي خليجي عربي منذ العام 1973م. فرغم الغزو الإسرائيلي للبنان في العام 1982م، والحرب العراقيةالإيرانية، لم يتخذ العرب قرار الحرب بصفة واضحة كما حدث في عاصفة الحزم، وهي أول مبادرة في قرار دخول الحرب بصفة عربية خالصة دون مشاركة غربية".
وتطرق "الدخيل" في محاضرته التي ألقاها اليوم بمجلس حمد الجاسر الثقافي بالرياض، وأدارها الدكتور عبدالله الشمري، إلى أهداف العاصفة والبدايات الأولى للتخطيط، والفرق بينها وبين عاصفة الصحراء. وتساءل المحاضر عن التخطيط لعاصفة الحزم: متى وكيف بدأ؟ وعن العراق الذي كان يمثل توازن رعب لإيران، وكيف بدأ النفوذ الإيراني ينتشر في المنطقة العربية بعد ضعف ثم انهيار الدولة العراقية بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003م؛ وكانت النتيجة سيطرة إيران على العراق ولبنان وسوريا رغم أن الأخيرتين كانتا الأكثر عروبة بالنظر لحكم حزب البعث العربي القومي. وقال الدكتور الدخيل إن السؤال الأهم خليجياً هو: لماذا سلمت الولاياتالمتحدةالأمريكيةالعراقلإيران؟ ثم تحدث الدخيل في محاضرته عن دلالة العاصفة والتوقعات المستقبلية لها وتوقيتها.
وفي معرض رده على خطاب نصر الله أوضح الدخيل أن العاصفة جاءت من أجل حماية عروبة اليمن من النفوذ الإيراني، لا من أجل محاربة اليمن كما ادعى حسن نصر الله في خطابه الذي أشار فيه إلى أن العاصفة عدوان على اليمن أصل العروبة. وأكد أن عاصفة الحزم جاءت بعد طلب الرئيس اليمني، وبعد أن عاث الحوثيون فساداً منذ بداية سيطرتهم على دماج وعمران وصنعاء في سبتمبر 2014م، ثم توسعهم في المحافظات الأخرى، وبعد أن عرفهم الناس على حقيقتهم.
وكشف الدكتور خالد الدخيل عن أن التفكير بموضوع البدء في العاصفة – حسب الواشنطن بوست - بدأ في صيف 2014م، وقال إنها معلومة معقولة؛ إذ لا يمكن التخطيط لعملية عسكرية بهذا الحجم دون تحضير مسبق.
وعن الفَرْق بين عاصفة الصحراء في 1991م وعاصفة الحزم في 2015م قال إن عاصفة الصحراء جاءت بقرار أمريكي، بينما جاءت عاصفة الحزم بقرار سعودي وقيادة سعودية. وأضاف: "عاصفة الحزم ستعزز قوة السعودية؛ إذ إن مصر ما زالت تحاول النهوض بدعم سعودي، وإذا عادت مصر لقوتها ستساهم في تثبيت أحد أهم أطراف العالم العربي، ويجب ألا يتم الاعتراف عربياً بوجود إيران في المنطقة، وقد قررت العاصفة قطع الطريق على إيران قبل أن تخنق السعودية، وهنا نستذكر التاريخ، وأقول إن الخطأ الاستراتيجي للإمام عبدالله بن سعود كان انتظار وصول الجيش التركي - المصري حتى تم تدمير الدولة عام 1818م". وقال "إن الموقف التركي من عاصفة الحزم مرتبك بين اهتمام بوجود سوق للمنتجات في الدول العربية وتحجيم الدور الإيراني، وإن نظرة الملك سلمان في إدارة السياسة الخارجية السعودية تجاه تركيا تتحسن للأفضل". مشيداً بموقف الإصلاح الذي أعلن تأييده للعاصفة.
واستعرض أهداف العاصفة الأربعة والخامس غير المعلن. ويأتي في مقدمة الأهداف: عودة الشرعية، وإيقاف تمدد الحوثيين، وعودة الأطراف للحوار، بمن فيهم الحوثيون، ونزع سلاح الحوثيين. والخامس غير المعلن هو قطع الطريق أمام تنظيم القاعدة. مؤكداً أهمية الإنزال البري. وقال: "يجب نزع سلاح الحوثيين؛ لأن السلاح حق حصري للدولة، ولنجاح الحوار يجب أن تكون الأطراف المتحاورة منزوعة السلاح؛ إذ لا يمكن إجراء حوار سياسي بين أطراف، بينما يقوم طرف بفرض إملاءاته بالقوة. كما أن من أهداف العاصفة منع استنساخ المليشيا المسلحة التي تفرض إملاءاتها على الدولة مثل حزب الله". وتابع: "وجاء قرار مجلس الأمن الأخير ليعطي شرعية لقيادة تحالف عاصفة الحزم، وقد تم عزل صالح دولياً، وإن ثبت جدية فك ارتباطه من الحوثيين فيجب أن يستفاد منه تكتيكياً؛ إذ لا يملك صالح الرؤساء الذين كان يستنجد بهم في السابق مثل بشار وصدام والقذافي". وأكد أهمية دور القبائل في الحسم، مشيراً إلى أنه لا يوجد أي أطماع جغرافية ولا أجندة سعودية خفية في اليمن.
وفي الختام قدم خارطة طريق مقترحة لعاصفة الحزم بإنشاء قوة عربية مشتركة تحت قيادة قوات التحالف، تكون مهامها: تجميع السلاح غير المصرح في اليمن، وإعادة تأهيل الجيش اليمني وفق ولاءات وطنية يمنية، وحماية العملية السياسية من التدخلات الخارجية.
وأشار إلى أن "الرئيس اليمني المخلوع علي صالح يعاني الآن العزلة العربية والدولية، والأبواب كلها مغلقة أمامه، ولم تعد أمامه خيارات". مضيفاً "ليس سهلاً أن يصرح صالح في ثاني أيام عاصفة الحزم، ويتعهد بعدم ترشيح نفسه أو أي أحد من أفراد أسرته وأقاربه للرئاسة".