حصلت "سبق" على وثائق سرية تتعلق بمعاناة سكان مدينة مهد الذهب، التي سُلط الضوء عليها منذ شهرين، قبل أن يوجه الأمير عبد العزيز بن ماجد أمير منطقة المدينةالمنورة، خطاباً يقضي فيه بسرعة وضرورة اتخاذ التدابير اللازمة من قبل وزارة البترول والثروة المعدنية حيال تطبيق شركة معادن للتدابير البيئية في محافظة مهد الذهب. وكان الأستاذ المشارك في جامعة الملك سعود الباحث في تلوث التربة بالعناصر الثقيلة الدكتور عبد الله الفراج، أشار في دراسة سابقة إلى أن مدينة المهد بمحافظة مهد الذهب، مدينة ملوثة تلوثاً تاماً بالعناصر الثقيلة، الأمر الذي أزعج شركة معادن، كونها الشركة المستثمرة في منجم مهد الذهب، فتعاقدت مع جامعة ميموريال الكندية لإعداد دراسة ميدانية تتأكد فيها من صحة نِسب التلوث التي أوردتها جامعة الملك سعود ممثلة في كلية الأغذية والزراعة، إلا أنها فوجئت بتأييد صحة هذه النِّسب، بل أوصت الدراسة الكندية بضرورة عزل المنجم عن المدينة ببناء جدار أو جبل صناعي. وبحسب الوثائق التي حصلت عليها "سبق"، وجّه مدير شركة معادن الدكتور عبد الله الدباغ خطاباً إلى مدير جامعة الملك سعود الدكتور عبد الله العثمان، يطالب فيه بإيقاف أنشطة الدكتور الفراج الإعلامية، بحسب الخطاب. ويشكو الدباغ للدكتور العثمان الأنشطة التي يقوم بها الفراج، واصفاً إياها بالحملات التحريضية، وقال الدباغ في خطابه: "إن الدكتور عبد الله الفراج شن في تلك الفترة حملة إعلامية تحريضية على شركة معادن من خلال وسائل الإعلام المكتوبة، والقنوات الفضائية، والمواقع الإلكترونية: اليوتيوب، والفيس بوك". واتهم الدباغ الفراج بإثارة مشاعر المواطنين من خلال المحاضرات التي يلقيها بهدف التوعية داخل مدينة مهد الذهب. وعلمت "سبق" أن الجامعة تلقت خطاباً طالبها بالتوجيه بالاكتفاء بما تم من دراسة وعدم القيام بأي عمل آخر، ما لم يكن هناك دور منوط بها من قبل الجهات المختصة. يذكر أن إمارة المدينةالمنورة أصدرت أمراً قبل عدة أعوام، بتشكيل لجنة لدراسة معاناة الأهالي، وخرجت هذه اللجنة بقرار تكليف مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بإجراء الدراسة. وفي اتصال هاتفي ل "سبق" مع الإعلامي حسين الشريف منتج فيلم "الوباء الصامت" الذي تحدث عن مأساة سكان المهد على اليوتيوب، قال الشريف: إن "معادن" لم تعترف بدراسة جامعة الملك سعود التي تثبت التلوث المسبب لأمراض السرطان وأمراض أخرى خطيرة في مدينة مهد الذهب، كما أنها لم تعترف بالدراسة التي قامت بها جامعة موموريال الكندية، التي أثبتت النتائج نفسها. وأضاف الشريف: بالرغم من أن الأخيرة أعدت الدراسة بتكليف من شركة معادن نفسها، وعندما علمت الشركة بضعف موقفها أمام هذه الدراسات، طلبت دراسة من مكتب دراسات بيئية خاص في المنطقة الشرقية, وكانت نتائج هذه الدراسة موافقة تماماً لرغبة شركة معادن من إنكار تسببها في التلوث الناتج من عمليات التعدين. وأكد الشريف أن الدراسة استخدمت كمصطلح مضلل وهو (تمعدن التربة) الذي استخدم من قبل وزارة البترول أيضاً للدفاع عن موقف شركة معادن أمام الجهات الحكومية وإمارة المدينةالمنورة, وكان المقصود من هذا المصطلح أن التربة في منطقة مهد الذهب كانت ملوثة قبل أعمال التعدين التي قامت بها شركة معادن, وهذا الأمر تغيير سافر ومتعمد للحقائق، للهروب من المسؤولية وما تسببت به أعمال التعدين التابعة لشركة معادن من أمراض أصابت أهل مهد الذهب على مدى أكثر من 20 سنة. وقال الشريف: شاهدت بنفسي أثناء إعداد الفيلم الوثائقي، حالات خطيرة شملت السرطان والفشل الكلوي وتشوهات خلقية في الأطفال وأمراض الصدر بأنواعها. وأضاف: ما يؤكد عدم صحة ما تقوله وزارة البترول و "معادن"، الدراسة الأخير التي أعدتها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وتثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن المنطقة ملوثة بالمعادن الثقيلة الناتجة عن أعمال التعدين الخاصة بشركة معادن. واستغرب منتج فيلم "الوباء الصامت"، عدم تحرك وزارة الصحة المعنية بسلامة المواطن وصحته لإيقاف هذا الوباء الكارثي, وأيضاً الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة التي تشعر المراقب بأنها تتجاهل الأخطار المحدقة بالمواطن عن عمد. وقال: حاولت في وقت سابق لقاء رئيس مجلس إدارة شركة معادن عبد الله السيف في فندق المريديان بالخبر إبان مناسبة أقامتها الجمعية السعودية لمهندسي البترول لطرح بعض الأسئلة عليه, لكن المنظمون أخرجوني من القاعة رغم أنني كنت من المدعوين.