أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود الشريم، المسلمين بتقوى الله عز وجل، التي هي للمؤمن في دنياه زاد، وهي له نجاة ورفعة ليوم المعاد، وبها يستجلب الرزق ويكشف الضيق؛ موصياً كذلك بالابتعاد عن كل ما يُغضب الله عز وجل واجتناب كل ما نهى عنه. وقال "الشريم" في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: "مِن كرم الله جل وعلا ومنته على عباده، أن منحهم قلوباً تحمل عاطفة دينية يرتقون بها إليه سبحانه وتعالى؛ إن هم استثمروها بحبه وحب رسوله ولم يفصلوا بين المحبتين قولاً وعملاً وتصوراً؛ فإنها محبة حقة لله ولرسوله".
وأضاف: "من أطاع الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله، ومن بايعه فإنما بايع الله {من يطع الرسول فقد أطاع الله}".
وأردف: "ارتفاع شأن الأمة وقوتها وعزتها وانتصارها على أعدائها؛ كل ذلك مرهون بمدى محبتهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً ظاهراً وباطناً؛ فإن مَن قرأ سِجِل الأمة الحافل بالنصر والتمكين والرفعة بين الأمم، سيوقن بصحة هذا الأمر؛ فما ضعفت الأمة واستكانت إلا لضعف محبتها له وبُعدها عن نهجه وعدم نصرته ونصرة سنته؛ حتى طغى تقديم النقل على الوحي الذي نطق به؛ مما سبّب ازدياد الجرأة على السنة النبوية المفضية إلى القدح في مُبلغها، وإنّ أمة ضعُفت فيها محبة النبي لهي الجديرة بالذل والهوان وتسلط الأمم عليها".
وتابع إمام وخطيب المسجد الحرام: "مَن آمن فلن يكون للكافرين سبيل عليه؛ سواء من أفراد أو من مجتمعات، وليس بلازم من هذا الأمر أن الأمة إذا ضعفت لغياب محبة النبي فهو دليل على كرهها له؛ فهذا فهم مغلوط؛ وإنما المراد غياب كمال المحبة التي تجعل أمره وحكمه مقدماً على كل شيء".
وقال: "محبة النبي صلى الله عليه وسلم ليست ضرباً من الخيال، ولا هي من التكليف بما لا يطاق؛ وإنما هي روحانية وانشراح وسعادة، لا يحس بها إلا من رُزق بها، ولا يزهد فيها ويهون من شأنها إلا من كان قلبه لضخ الدم فحسب".
وأضاف "الشريم": "العزة والرفعة والتمكين، تتمثل في أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب للمسلم من كل شيء؛ من ماله، وولده، والدنيا كلها.. وحبه مقدم على كل شيء؛ فمتابعة الرسول صلوات الله وسلامه عليه في أقواله وسنته وأفعاله تزيد من المعزة والكفاية والنصرة، وتكون الهداية والفلاح والنجاة؛ فالله سبحانه وتعالى علّق سعادة الدارين بمتابعة سنته صلى الله عليه وسلم، وجعل شقاوة الدارين في مخالفته".
وتساءل: "أين المتكبر من محبته صلى الله عليه وسلم، وقد علم أن من محبته التواضع لله؟ وأين الظالم من محبته صلى الله عليه وسلم وقد علم أنه أعدل الناس؟ وأين الخائن والسارق والقاتل وغيرهم كثير من محبة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ أو ليس من الخيبة والخسران أن يكون الجماد والبهائم أعظم استحضاراً لمقام نبوته صلى الله عليه وسلم من بعض البشر ذوي العقول والأفهام؟ فقد جاء عن مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم عليّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن)".
واختتم خطبة الجمعة داعياً إلى الصلاة والسلام على رسول الله في اليوم والليلة وفي كل حين، والاشتياق إلى رؤيته صلى الله عليه وسلم؛ فهو الشفيع لأمته يوم الحساب ويوم يقوم الأشهاد.
في سياق متصل؛ دعا إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينةالمنورة, فضيلة الشيخ صلاح البدير في خطبة الجمعة اليوم, إلى التفكر في خلق الله في السموات والأرض؛ موصياً المسلمين بتقوى الله تعالى عز وجل.
وقال في خطبة الجمعة اليوم: "خلق الله الكون العظيم بأسافله وأعاليه بقدرته، هو بارؤه ومبدعه ومنشؤه، والمتصرف فيه بأمر وقهره وعزته وعلمه، وبيده أزِمّة الأمور نقضاً وإبراماً بلا مدافعة ولا ممانعة, مالك الدار وساكنيها، وواهب الحياة ومسديها؛ فاعتبروا بمخلوقات الله الدالة على ذاته وصفاته وشرعه وقدره وآياته, وانظروا ماذا في السماوات والأرض, تفكروا في خلقهن وعظمتهن وما فيهن وما بينهن, وتأملوا الأرض وجبالها وبحارها وقفارها وعمرانها وسكانها, تأملوا السماوات وارتفاعها واتساعها وكواكبها وأفلاكها، ونجومها وغيومها وشهبها وسحبها, وتفكروا في الشمس والقمر كيف يجريان بسحاب مقدر ومقرر".
وأضاف: "انظروا إلى سائر مخلوقات الله؛ الدوابّ السارحة، والسباع الجارحة، والطيور الرائحة، والحيتان السابحة, وتفكروا في الرياح تُرْسَل نُشراً وبشرى, وتفكروا في السحاب والرياح؛ تارة تثيره وتارة تسوقه وتارة تجمعه وتارة تصرفه وتارة تلقحه, وتفكروا في حبات البرَد التي تنزل بقدر الله تعالى من الغمام, قال تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ، يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ)".
وأردف "البدير": "الثمرة الكبرى من التفكر والتدبر في مخلوقات الله، عبادة الله وحده لا شريك له، وأنه الخالق المنعم المتفضل على عباده في جميع الحالات, وهو المستحق بالتوحيد؛ مستدلاً بحديث ابن مسعود رضي الله عنه، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ اَلذَّنْبِ أَعْظَمُ? قَالَ: (أَنْ تَجْعَلَ لِلهِ نِدًّا، وَهُوَ خَلَقَكَ)".
وحذّر إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير، المسلمين من الذهاب إلى السحرة والكهان والعرافين، وتقلد التمائم، ودعاء غير الله عز وجل؛ بالذهاب إلى القبور ودعاء أصحابها ورجاء حجابها؛ مشيراً إلى أن الرفات والأموات لا يملكون وصيلة ولا يستطيعون وسيلة، ولا يقدرون على حيلة، ولا يسمعون الدعاء.
ودعا الشيخ "البدير", مِن تقحّم المحرمات وتعاطي المنكرات، إلى التوبة قبل أن تحل عليه العقوبات الموجعة، والنقمات المفجعة، والمبادرة إلى فعل الخيرات، والمسارعة إلى نيل القربات، والإقلاع عن الخطايا والموبقات.