أبدى الباحث الاقتصادي والإعلامي عبدالرحمن بن أحمد الجبيري، إعجابه بالتجربة الألمانية في التعليم والتدريب؛ أملاً في تطبيقها بالمملكة؛ مشيراً إلى أن أكثر من 90 دولة -ومنها بعض الدول المتقدمة- قد قامت بالأخذ بها؛ مؤكداً أن التوجيه النظري في التعليم سيفضي للبطالة. وأضاف أنه حضر ورقة عمل مدير العلاقات الدولية باتحاد الغرف التجارية والصناعية في ألمانيا "يورك سيفيرز"، خلال المؤتمر التقني السابع الذي عُقِدَ مؤخراً بالرياض، والتي قال فيها: إن الشراكة بين القطاعين العام والخاص وربط التدريب التقني والمهني باحتياجات سوق العمل، من شأنها ضبط جودة التدريب على رأس العمل، وكذلك التدريب التعاوني وتسهيل عملية التوظيف".
ونوه "الجبيري" إلى أن هذه التجربة بها الكثير من الخبايا وفق ما تَطَرّق له الكثير من المختصين بالتعليم والتدريب؛ إذ إنها نموذج فريد يستحق الدراسة؛ خاصة أن هذه التجربة تحت ثلاث جهات مسؤولة وممولة من قِبَل الدولة لتطبيقها، وهي الجهات التعليمية والشركات الخاصة والغرف التجارية.
وبيّن -بحسب ورقة العمل الذي قدّمها "يورك"- أن النظام المزدوج للتعليم والتدريب المهني، ودور ومشاركة غرف التجارة الألمانية في منهجية التعليم التقني المشتملة على نظام الانتقال من المدرسة في اتجاهين (مدارس مهنية) أو (تدريب على رأس العمل)، ينتهي بالانتقال في كل منهما إلى سوق العمل؛ مُشَبّهاً الوضع بالمباراة والتحدي لا الكسب أو الخسارة؛ إذ إن الشركات تساهم بقوة مع التعليم والتدريب المهني؛ مستشهداً بمعدلات البطالة بين الشباب في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي في السن من عمر 14 إلى 25 سنة بنِسَب متفاوتة؛ حيث بلغت في ألمانيا -كأقل نسبة- 7.8%.
وحدد أنماط التدريب في ألمانيا بنوعين هما: النوع الأول: التدريب على رأس العمل في الشركات بالتدريب النظري في المدارس المهنية بمعدل 1 - 2 أيام في الأسبوع، ثم النوع الثاني، وهو من 3 - 4 أيام في الأسبوع؛ بناء على عقد التدريب بين الشركة والمتدرب؛ مُبدياً رغبته القوية في التعاون وتفعيلها في المملكة.
واستطرد "الجبيري" -من خلال حديثه ل"سبق"- إلى أن هذه التجربة جديرة بالاهتمام، وتفتح المجال في سن مبكرة عن ميول التلاميذ مهنياً وتقنياً، في ظل التحول المعرفي الحديث للتقنية؛ محذراً من استمرار التوجه للدراسات الأكاديمية النظرية التي من شأنها توسيع الفجوة بين التعليم واحتياجات سوق العمل؛ مما يؤدي إلى استمرار ارتفاع معدلات البطالة؛ مطالباً الجامعات والجهات ذات العلاقة بالتوسع في استقطاب الشباب في المجالات التي تتعلق بالجوانب التطبيقية.
وقال: "بالنظر إلى التجربة الألمانية؛ فإنها قد أدت أيضاً إلى زيادة المشاركة النسائية في النشاط الاقتصادي بسبب المرونة العالية في ساعات العمل، كما أمّنت آليات أكثر ملاءمة لتكييف نظام العمل مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية".
ونوّه "الجبيري" -في نفس الوقت- إلى أن نسبة البطالة في القطاع النسائي مرتفعة مقارنة بالذكور؛ بسبب التوجه للتعليم النظري في المملكة، وعدم توفير الفرص المتوائمة مع الثقافة الاجتماعية، مثل التوسع في مشاريع الأسر المنتجة وحاضنات الأعمال والبيئات الفنية والتقنية، التي يمكن أن تمارس نشاطاتها من المنزل أو وفق الضوابط الشرعية.
واختتم قوله مؤكداً أن حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- لا تألو جهداً في بذل الكثير من أجل النهوض بالشباب السعودي تعليماً وتأهيلاً؛ ليكون قادراً على القيام بدوره بكل كفاءة واقتدار، وأن النهضة التنموية التي تشهدها المملكة في كل المجالات كفيلة بتوفير الكثير من فرص التدريب والتوظيف.