رفض نائب محافظ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الدكتور حمد عقلا العقلا، وصم المؤسسة بضعف المخرجات، مشدداً على أهمية أن يسهم القطاع الخاص في إعداد وتهيئة الخريجين للعمل الذي سيزاولونه داخل المصنع أو الشركة.ودحض العقلا لدى حديثه إلى «الحياة» اتهام البعض للمؤسسة بالتسبب في تفشي البطالة بين الشبان، محملاً ضعف الأجور والشراهة في استقدام الأيدي الأجنبية متدنية الأجر مسؤولية تفاقم مشكلة البطالة بين أبناء الوطن. وأكد أن مناهج المؤسسة على مستوى عال من الجودة والمعارية وتحاكي سوق العمل، مرجعاً تعثر بعض الخريجين في حياتهم الوظيفية، إلى عدم ممارستهم المهمة التي تدربوا عليها. واعتبر تحويل الكليات التقنية إلى جامعات تقنية توجهاً مغايراً لخطط وأهداف الدولة، متوقعاً اتخاذ هذه الخطوة من شأنه إضعاف النمو الاقتصادي لها. ولفت الدكتور العقلا إلى اهتمام المؤسسة بتدريب الفتيات وتأهيل المرأة لسوق العمل بتدريبها على تخصصات تقنية ومهنية لم تقدم من قبل، كاشفاً برامج لاحتواء ذوي الاحتياجات الخاصة والمساجين. وشدد أن المؤسسة تراقب المعاهد الأهلية من خلال لجنة رقابية تهتم بمنحها التراخيص وتتابع برامجها. كيف ترد على من يتهم المؤسسة بضعف المخرجات؟ - هذا الاتهام يفترض ألا يطلق على عواهنه، فالمؤسسة جهة تدريبية تقدم التدريب بما يتوافق مع ما يؤديه العامل في محيط العمل، وكون القطاع الخاص يستوعب المخرجات بما يتوافر لديه من فرص وظيفية فعليه أن يعد الموظف الجديد للعمل الذي سيمارسه داخل الشركة أو المصنع أو غير ذلك، ومبدأ إعادة التهيئة لأي مخرج تعليمي أو تدريبي أمرٌ ضروري في كل التخصصات العلمية، مثل تخصص الطب إذ يلزم الطبيب بعد تخرجه في الجامعة بما يسمى بسنة الامتياز، وحتى العمالة المستقدمة في نفس التخصصات التي تدرب عليها المؤسسة، لا تجيد العمل كما ينبغي، لذا يعاد إعدادها عند تسلمها العمل داخل شركات ومؤسسات القطاع الخاص، ومفهوم ضعف المخرجات مصطلح فضفاض، لكن علينا أن نكون دقيقين من دون هضم مخرجات المؤسسة أو حتى التقليل من مهارات أبنائنا وبناتنا الذين أثبتوا جدارتهم في العديد من التخصصات. ما مدى صحة الاتهامات التي تحمل المؤسسة مسؤولية البطالة، بإغفالها التنسيق الوظيفي ومواءمة سوق العمل بكوادر مؤهلة؟ - الكل يعلم أن البطالة هي عدم وجود فرصة عمل للمؤهلين، وهي تأخذ أشكالاً وأنواعاً عدة، من ضمن هذه الأنواع «البطالة الاحتكاكية» وهي وجود فرص عمل ووجود طالبي عمل لا يرغبون في الانخراط فيها، لأسباب معينة، ولدينا في السعودية من أسباب تفشي البطالة عوامل كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر؛ عنصر «ضعف الأجر الشهري» الذي يتلقاه العامل الوطني المنخرط في سوق العمل، إضافة إلى الشراهة في استقدام الأيدي العاملة متدنية الأجر، أسهم في نشوء البطالة بين الشبان السعوديين، والمؤسسة جهة تدريبية في المرتبة الأولى وليست جهة توظيف للموارد البشرية، مهمتنا التدريب والتخريج لسوق العمل. متى تحول الكليات التقنية إلى جامعات تقنية؟ - لا يختلف اثنان حول أهمية الحاجة الفعلية للجامعات، سواء كانت جامعات تقليدية أو جامعات تقنية، ولعل من المفيد الإشارة إلى ماهية الجامعات وما هو الفرق بين الجامعات التقليدية والجامعات التقنية والكليات التقنية أو المعاهد المتخصصة فكما هو معروف فإن الجامعات التقليدية تلتزم بالجوانب العلمية البحتة وتقدم مجالات واسعة من العلوم بمختلف أصنافها، بينما تختص الجامعات التقنية بالعلوم الهندسية والعلوم التطبيقية المتخصصة وتسمى هذه الجامعات التقنية أحياناً بالمعاهد التقنية، مثل ما هو قائم في دول صناعية متقدمة كأميركا وألمانيا وكندا واليابان ودول في أوروبا، علماً أن التجربة الألمانية في هذا المجال تتمتع بسمعة عالمية على اعتبارها مراكز تخريج فنيي ومهندسي المستقبل، ويزداد إقبال الطلاب عليها خصوصاً، علماً أن أكثر من ربع الطلبة في ألمانيا يتجهون لهذه المعاهد، فمنذ نهاية السبعينات تطور هذا النظام الألماني المتميز، وقلدته دول عدة، ومناهج التعليم الفني والمهني في السعودية من خلال نظامه العالمي الذي يتبنى نظام المستويات المهنية والتقنية بدءًا من المستوى الأول وحتى المستوى الخامس، مع العلم أن بعض الدول تتبنى مستويات تأهيلية عليا قد تصل إلى المستوى ال 10 وال 11، والسعودية في هذا الاتجاه بنت تجربتها معتمدة على تجاربها الذاتية ومستفيدة من تجارب الآخرين، خصوصاً الدول المتقدمة كألمانيا واليابان وغيرهما من الدول المتقدمة، فقد فصّلت مسار التعليم الفني والمهني بحسب حاجاتها التنموية ومتطلبات اقتصادها الوطني عموماً، فالمسؤول والقيادي في الدولة كان يدرك جيداً ما للتدريب التقني والمهني من أهمية ودور في تحقيق متطلبات سوق العمل المحلي من موارد بشرية، علماً أن مستوى التأهيل لمخرجات المؤسسة حالياً يعد الأنسب لمتطلبات اقتصادنا الوطني، فهو بأمس الحاجة إلى فنيين ومهنيين ومهاريين متخصصين في مهن وتخصصات علمية وتقنية ومهنية مختلفة، ومن هذا المنطلق نرى أن من يطرح فكرة تحويل الكليات التقنية في السعودية إلى جامعات تقنية سيكون بذلك قد اتخذ منعطفاً مغايراً عن كل ما تم تخطيطه وبناؤه من قبل الدولة ومسؤوليها واستشارييها وولاة أمرها، بل قد يدخل الدولة في خسائر كبيرة، على رأسها إضعاف نمو الاقتصاد الوطني الذي قام على قدميه في الآونة الأخيرة وهو حالياً بأمس الحاجة لمثل تلك المخرجات، أما فكرة إنشاء الجامعات التقنية فهذا أمر متروك لحاجات وضروريات التنمية في البلد، ولدينا تجارب رائعة بل ناجحة في هذا المضمار، لعلنا نشير إلى أمثلة عابرة منها على سبيل المثال لا الحصر؛ لقد تم تطوير عدد من الجامعات المحلية لبعض من كلياتها (الكليات التطبيقية)، كما أن تجربة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن هي الأخرى أنموذج لذلك، بل ما نفذه قائد مسيرة التنمية وربانها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتأسيس وإنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية إلاّ خير دليل على تبني الدولة وقناعتها لهذا النمط من التعليم الجامعي. ما هي إستراتيجية المؤسسة تجاه تدريب الفتاة؟ - صدر قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 3108 /م ب بتاريخ 4/3/1426ه بإلحاق قطاع التدريب المهني للبنات ضمن مهمات المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، بدلاً من وزارة التربية والتعليم، ومنذ صدور هذا القرار بادرت المؤسسة بتكثيف الجهود لتأسيس وتفعيل هذا القطاع، وتم التشغيل الفعلي للقطاع وما تتبعه من إدارات ومعاهد عليا تقنية في فترة وجيزة وبالتحديد في عام 1427ه، ويهدف إلى تأهيل المرأة السعودية لسوق العمل، وذلك بإتاحة الفرصة لها للتدرب على تخصصات تقنية ومهنية لم تُقدم مسبقاً من قبل أي جهة تعليمية أو تدريبية داخلية، وبالفعل تم استهداف إنشاء 41 معهداً على مستوى السعودية، من ضمنها كليتان لإعداد المتدربات في كل من الرياضوجدة على مستوى البكالوريوس التقني، و شُغّل من هذه المعاهد إلى الآن عدد 14 معهداً في (الرياض والأحساء وتبوك وبريدة والمدينة المنورة وحائل والباحة ونجران والخرج والطائف وعرعر وخميس مشيط والجوف وجدة) والبقية تأتي تباعاً، وهناك برامج يمكن تشغيلها مستقبلاً تعتمد على دراسة السوق السعودي وحاجاته، وهي تستهدف خريجات الثانوية العامة بفرعيها (العلمي والأدبي)، علماً أن البرامج التي يدرب عليها الآن قد شارك في إعدادها عدد كبير من الجهات على مستوى المؤسسة والغرف التجارية والقطاع الخاص. ماذا عن قبول فئات ذوي الاحتياجات الخاصة والمساجين في برامج المؤسسة؟ - لدى المؤسسة برامج في مجالات مختلفة تتناسب وقدرات ومهارات ذوي الاحتياجات الخاصة، وهي تتركز في عدد من المدن في المرحلة الحالية، نسعى إلى تطوير هذا التوجه بعد تقويم التجربة الجزئية القائمة حالياً، بعد اكتمال جميع الدراسات المتصلة بهذا الجانب، وندرك جيداً حساسية مثل هذه الأنواع من التعليم والتدريب فقد خاضت المؤسسة تجربة أثبتت نجاحها تجاه فئة الصم، إذ طبق البرنامج في مجال «التطبيقات المكتبية» في ثلاث كليات تقنية في «الرياض، حائل، وبريدة». وتسعى المؤسسة في القريب العاجل إلى نشره في عدد من المناطق الأخرى. ما أسباب تفاوت معيار خريجي الجامعات عن كليات المؤسسة، إذ تشترط وزارة التعليم العالي لقبول خريجي الكليات التقنية للابتعاث أن يتجاوز معدلهم 4.5 في الوقت الذي تشترط فيه لخريجي الجامعات 3.75؟ - خريجو المؤسسة مهيأون للعمل في القطاع الخاص، وهناك نسبة تقدمت للابتعاث من طريق وزارة التعليم العالي ترغب في مواصلة دراستها لمرحلة البكالوريوس ولقلة المقاعد المخصصة اشترطت وزارة التعليم العالي أصحاب المعدلات المرتفعة للتقدم في الابتعاث، ولكن الدولة أعطت المؤسسة نسبة من برامج الابتعاث، وقد أعلنت المؤسسة أخيراً في الصحف كافة عن برنامج خادم الحرمين الشريفين للمدربين التقنيين، وذلك لمن يرغب في الابتعاث من خريجي الكليات التقنية أو المعاهد العليا التقنية للبنات. هناك من يرى أن رقابة المؤسسة على المعاهد الأهلية أصبحت غائبة، ما حولها إلى ربحية أكثر منها تدريبية، ما تعليقكم؟ - المعاهد الأهلية هدفها مادي وهذا مؤكد، ولكن هناك جهة رقابية من المؤسسة مباشرةً تهتم بمنحها التراخيص ومتابعة برامجها، وهناك عقوبات بحق المخالف منها ولها لائحة خاصة بها، وتشرف عليها المؤسسة إشرافاً مباشراً ولها دور رئيس في مجال التدريب في المملكة ومكمل للبرامج الحكومية. هل هناك توجه لتحويل الثانويات الصناعية والتجارية لقطاعات الغرف التجارية بعد أن أصبحت ترهق كاهل المؤسسة؟ - توجهات الغرف التجارية تختلف عن سياسة المؤسسة، فهي جهة مختصة بمسائل مختلفة مثل حماية التاجر والصناعيين في مجالات عدة، منها الاستيراد والتصدير والتوثيق، أما التدريب فهو لا يمثل اهتمامات للغرف التجارية، وبالنسبة للثانويات الصناعية والتجارية وبقية المعاهد الثانوية، طورت برامجها وألحقت بالكليات التقنية وتعطي درجة الدبلوم في مجال التخصص، ومن خريجيها من يستطيع أن يكمل البكالوريوس والماجستير في نفس التخصص، ومنهم من ينخرط في سوق العمل، والمختصون في صناعة التدريب لا يرون أن الثانويات الصناعية تزيد من كاهل المؤسسة، فتلك المرافق التدريبية في المؤسسة تشكل القاعدة، بل هي الأساس والعمق لصناعة التدريب فكيف القول إنها تزيد من كاهل المؤسسة. لماذا لا تلتزم المؤسسة بتدريب الموظفين الحكوميين؟ - المؤسسة لديها إدارة تحت مسمى إدارة التدريب على رأس العمل، وتقدم برامجها للجهات التي ترغب ذلك، ولدينا اتفاقات مع جهات حكومية عدة، وبرامج تدريبية مختلفة سواءً لوزارة الداخلية وقطاعاتها المختلفة أو الحرس الوطني وغيرهما من جهات حكومية، وغالباً ما تقدم من طريق مركز خدمة المجتمع والتدريب المستمر، وللمؤسسة دور رئيس يستهدف إعداد الكوادر البشرية وتوجيههم إلى سوق العمل الوطني، أما تدريب الموظفين الحكوميين فلهم جهة متخصصة في الدولة تعنى بتدريبهم وتنمية مهاراتهم تسمى «معهد الإدارة العامة». ما سبب التضارب الذي ظهر حول قرار زيادة رواتب مدربي المؤسسة بنسبة تصل إلى 50 في المئة، فبعد أن أعلن وكيل المؤسسة للتطوير القرار، نُفي الخبر ثم عدتم لتصحيحه؟ - المؤسسة تبنت كثيراً من الإصلاحات التي تدعم مسيرتها المستقبلية لسنوات طويلة، من طريق وضع خطط تهدف إلى إعادة تنظيم بنيتها التحتية ولوائحها المختلفة، ووضعت لهذا التوجه خطة إستراتيجية تمتد ل 25 سنة مقبلة، وينطوي تحت هذه الخطة كثير من اللوائح المنظمة لسير العمل ومنها «اللائحة المنظمة لأعضاء هيئة التدريب»، والكل يعرف أن الاستثمار في مجال الموارد البشرية يحتاج لمحفزات لكي يؤتي ثماره، وقد صدرت موافقة المقام السامي على جميع اللوائح بما فيها اللائحة المالية، وسلم أعضاء هيئة التدريب، والذي احتوى على بعض المحفزات التي تدعم النشاط التدريبي في السعودية، هذه المعلومة نشرت في الصحف وأعلنت للجميع.