أثارت محاضرة أستاذ الأدب والنقد في جامعة الملك سعود، الدكتور مرزوق بن صنيتان بن تنباك، حول وأد المرأة في التراث العربي، التي ألقاها بنادي الطائف الأدبي الثقافي، دهشة واستغراب ومعارضة كثير من الحضور والمداخلين من مثقفي وأدباء الطائف. وبدأ الدكتور مرزوق بن تنباك محاضرته بذكر ورود المرأة في القرآن الكريم ومكانتها في الدين الإسلامي، مثل مريم ابنة عمران عليها السلام، وامرأة فرعون، وامرأتَيْ لوط ونوح عليهما السلام، وابنتَيْ شعيب، وغيرها من الشواهد القرآنية.
ثم تحدث عن وضع المرأة ومكانتها في الحضارات القديمة أو البائدة، مثل الحضارة الإغريقية والرومانية والفارسية والهندية، وقارن بينها، وبيّن مكانة المرأة في الحضارة العربية التي قسَّمها إلى قديمة وحديثة، وتحدث عن دور المرأة في المجتمع الجاهلي أو ما قبل الإسلام، وعن دورها المهم والكبير في تلك الفترة؛ إذ إن المرأة كانت تصل للملك والحكم والزعامة.
وتحدث عن المرأة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وذكر نماذج من أسماء الصحابيات اللواتي شاركن في الحياة الاجتماعية في تلك الفترة، وعرج على فترة الفتوحات الإسلامية وانفتاح الثروات، وذكر أن المرأة كانت مخدومة، ولا تعمل في تلك الفترة، وانعكس ذلك على دورها الاجتماعي، فقلّت مشاركتها الاجتماعية، وتخلّت عن مشاركتها في ظل الترف الذي كانت تعيشه بوجود الجواري والإماء والوصيفات.
وفي حديثه عن مفردة الوأد أكد أن تفسير الوأد هو "التخلص من أبناء الزنا، وهذا أمر يحدث في كل العصور، ولدى كثير من المجتمعات، وقال إن دراسته توصلت إلى أن تلك المسألة لا تخرج عن وهم تاريخي وغفلة لدى بعض الرواة للعصر الجاهلي، بغرض الوعظ، وأن أسانيد القصص بدأت وانتهت في العصر الإسلامي، والموءودة التي ذكرها القرآن الكريم قُصد منها النفس بغض النظر عن كونها ذكراً أو أنثى، يتخلص منها دفناً لأنها نتجت عن السفاح.
وقال إن المفسرين يأخذون قضية الوأد عند العرب كمسلّمة، ويوردون قصة قيس بن عاصم دون تعليق أو تمحيص، وبعض المتأخرين يجعل عمر بن الخطاب أحد الوائدين، وهذا لا يصح سنده، كما يرى أن الآية القرآنية صريحة، لكن هل هو وأد البنات كما قال المفسرون أم هو وأد النفس البشرية، سواء كانت ذكراً أم أنثى؟ ويرى أيضاً من ناحية لغوية أن لغة العرب في (البحر المحيط) لأبي حيّان تتحدث عن قتل الإنسان بلغة النفس، وهذا هو المقصود بالموءودة: {وإذا الموءودة سُئلت، بأي ذنب قتلت}، كما ورد في القرآن الكريم، وهو يخصّ العرب وغيرهم من الأمم، فقد كانوا يقتلون الأطفال الذين يولدون بعلاقات غير شرعية، وما زلنا نجد هذه الأفعال حتى في وقتنا الحاضر.
وذكر "ابن تنباك" شواهد زمنية وعقلية وبحثية، تقلل من صحة المرويات الإسلامية حول مسألة وأد البنات، وأنه توصل إلى ذلك من خلال بحثه في التراث الجاهلي، وحتى من خلال الحفريات والنقوش.
وتساءل "ابن تنباك": أين أولاد أو إخوان أو أقارب الموءودات؟ وأين مدحهم أو ذمهم بأسمائهم في التراث العربي؟ وقرر أن حكم تحريم قتل الأبناء في القرآن الكريم كان حكماً أبدياً، وليس بسبب فعل العرب فقط لذلك.
وفي نهاية المحاضرة فتح مدير اللقاء الباب للمداخلات وأسئلة الحضور من صالتي النادي.
وتميزت المداخلات بالكثافة والسخونة، فيما أجاب المحاضر عن الأسئلة والاستفسارات.
بعد ذلك كرم رئيس مجلس إدارة النادي عطا الله الجعيد الدكتور مرزوق بن تنباك ومدير اللقاء الإعلامي هلال بن محمد الحارثي بدروع تذكارية.