لشبّة النار عند العرب معانٍ سامية ونبيلة، فهم يوقدونها ليلاً للتدفئة والطبخ وعمل القهوة وليهتدي بها ابن السبيل وجلب الضيوف وعندما يُهجى أحدهم يقال له ( يا طافي الضو , ميت النار ) أو الله يطفئ ضوءك (الله يذبح نارك) أو ناره رماد، والكرم عند العرب من القيم التي يحرصون عليها ورمز الكرم عندهم بالدرجة الأولى شبة النار والقهوة ومسامر الضيف، وتعد شبة النار منذ القدم رمزاً للكرم والسخاء عند العرب. إحياء لهذه المعاني، نظمت لجنة التنمية الاجتماعية فعاليات الملتقى التراثي الأول في الصويدرة، فيما اختتمت أمس الفعالية الرئيسية مسابقة "ناركم" والتي يتنافس في الفوز بجوائزها المقدمة من الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة 30 متسابقاً قاموا بإشعال النار لتجهيز القهوة العربية دون مواد كيميائية وعلى الطريقة البدائية القديمة في بيوت من الشعر . كما أن النار وإيقادها في حد ذاتها إشارة للترحاب بالضيوف والزوار ويتجسد ذلك عندما كان يسير المسافرون ليلاً فيرون ناراً تتوقد فيتجهون لها، ولفظة شبة النار استخلص منها كلمة الشبة، ويعني ذلك إقامة التجمع والقهوة فيقول الشخص (الشبة عندنا) أي القهوة والمسامر عندنا، إذ أصبحت شبة النار دلالة على الدعوة إلى الحضور وبالتالي الاجتماع على القهوة حيث يرونها فاكهة السمر الصحراوي . واجتذبت فعالية "القلطة" أمس مئات الزوار للملتقى، عاشوا أجواء تراثية حتى منتصف الليل، اشتملت أيضاً على فعالية "يدك وما جابت" وهي عبارة عن مسابقة شعبية متنوعة، كما تضمنت مسابقات الركض والتي قسمت إلى فئات عمرية بدءًا من عمر أقل من 10 سنوات وحتى فوق الخمسين، وتم تقسيم هذه الفعالية إلى مسابقة "العتبوه" وهي مسابقة للركض ولكن بقدم واحدة حيت يقوم المتسابق بربط إحدى قدميه والقفز على القدم الأخرى ومسابقة النقرة وهي مسابقة كان يستخدمها البادية وتعرف اليوم ب"الوثب والحويلا" وهي ألعاب التسلية التي كان يستخدمها البادية أثناء رعي إبلهم أو أغنامهم . ولفتت فعالية الحداية الزوار وهي موروث أصيل كان يستخدمه العرب أثناء قدومهم إلى مضيفهم ويقوم الضيوف بإلقاء عدة أبيات شعرية على شكل لغز بحلها والرد عليها بأبيات مشابهة في الوزن والقافية يتخللها إطلاق للنار متناسق مع الأبيات الشعرية التي يتم إلقاؤها. كما قدم أمس الهجانة عروضاً رائعة نالت استحسان الحضور وقدمت هذه الفعالية من خلال استعراض على الهجن والخيل تقليدا لعادة قديمة لسير القوافل والترحال فيما كان الجمهور على موعد مع فعالية "الدليلة".