لم تكن قرارات مجلس الوزراء في إلغاء 51 بدلا ومكافأة وميزة بما يحقق مستقبلا أفضل لأجيال الوطن لرفع ترشيد الإنفاق الحكومي خلال العام المالي القادم جديدة على مجلس الوزراء في المملكة منذ تأسيسه فالمملكة مرت في ظروف صعبة منذ توحيد البلاد ومن خلال أول تنظيم وزاري وإداري لها، فهي الدولة الشرق الأوسطية الوحيدة التي رفضت قروض الفائدة الأمريكية والبريطانية التي تتحملها خزانة الدولة ففي عام 1934 رفضت الدولة قروض الدول الغربية لصرف على مرتبات موظفيها، إذ أمر الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وزير الدولة المالي عبد الله بن سليمان بالتريث وعدم الموافقة على عروض المستشرقين البريطانيين والأمريكيين حتى معرفة مداخيل المالية رغبة من المؤسس -طيب الله ثراه- في عدم الدخول مع المستشرقين في مزايدات تهم عددا من القضايا الإسلامية والعربية حينئذ. يقول المستشرق الإنجليزي جون فيلبي في كتابه (أربعون عاما في البرية) أول ميزانية للدولة السعودية بعد توحيدها بعد تأثيرات إنتاج النفط تجاريا كان هناك عجز واضح في ذلك الأمر، إلا أن الملك المؤسس طيب الله ثراه ووزير ماليته قاما بتغطية ذلك العجز . ويضيف جون كانت الميزانية في المملكة تمر بظروف صعبة وكنت أرقب ذلك ومستعدا للمساعدة لكن الملك كان شديد الحذر فكان همه الأول والأخير تأمين قروض دون فائدة أو شروط لصرف رواتب موظفي الدولة المعينين، إذ نجحت الميزانية في تغطية أكبر بند من بنود النفقات ومتطلبات الحكومة ومتطلبات المواصلات التي شملت قيمة قطع الغيار واستئجار السيارات وتأمين الإطارات الجديدة بسبب التنقل والمساحات الكبيرة للمملكة التي تشابه أمريكا، إذ بلغ ذلك مليوني جنيه. إضافة لذلك كان الملك في استقبال وضيافة الملايين من الناس عرب ومسلمين من كل الدول وهي مكلفة ماليا إلا أنه نجح في ذلك، وكان أول تخصيص لقطاع تنموي في المملكة لمجال التعليم، إذ خصص (150) ألف جنيه ولم يخصص في ذلك العام أي مبالغ للخدمات الأخرى بسبب أن الملك كان على قناعة أن مخرج التعليم سيكون داعما لكل القطاعات الأخرى كما أن الميزانية خصصت مصاريف الدفاع في ذلك الوقت بمبلغ 800 ألف جنيه، علما بأن وزارة الدفاع بعد ذلك وعلى مدى عقدين من الزمن كانت من أغنى الوزارات، إذ وصل احتياطها المالي للعام 1954- 1955 م 50 مليون جنيه. وأضاف جون «الحكومة الأمريكية أعلنت عن استعدادها لتقديم قروض إلى المملكة بلغت 25 مليون جنيه ولكن لم يكن ذلك القرض على شكل سيولة مالية بل تعلق بأمور عينية وبعد سنوات كنت قد عدت إلى الرياض من رحلة فوجدت الملك مشغولا في العديد من مشاريع التنمية، بينما رفض عبد الله بن سليمان القرض الأمريكي لتغطية نفقات المواد الغذائية، إذ كان في تلك الفترة يقوم بجولة في الولاياتالمتحدةالأمريكية لكنه تمكن من التوقيع على اتفاقية للحصول على قرض ب( 10) دولار تدفع نقدا إلى الخزينة السعودية وذلك لتلبية متطلبات مشاريع مختلفة مثل محطة كهرباء الرياض وبناء مستشفيات في الرياض والطائف وتحسين ميناء جدة على المدى البعيد علاوة على بناء رصيف داخل البحر لتفريغ حمولة السفن وإنزال الركاب». وفي 1927 جرى أول تطوير للمالية بإنشاء (مديرية المالية العامة) في مكةالمكرمة أدارها مسؤول الخزينة عبد الله بن سليمان الذي كان يتولى جميع إيرادات البلاد ومصاريفها وهي حينذاك إيرادات من معونات خارجية وجمارك وزكاة تجار الحج والعمرة ومداخل الحج الأخرى مع ما أضيف لها من مداخل أخرى لدعم إمكانيات الدولة النقدية وفي سنة 1934 م (1352) صدرت أول ميزانية رسمية نظامية حسب نظام مجلس الوزراء والتي بلغت (14) مليون ريال بعد ما أصدر جلالة الملك عبد العزيز قراره الخاص بإنشاء أولى وزارات الدولة والوزارة الوحيدة في ذلك الوقت في القرار المسمى (نظام المالية) والقاضي بتحويل المالية إلى وزارة (وزارة المالية) يرأسها ابن سليمان نفسه كأول وزير رسمي في تاريخ المملكة.