عرفت المملكة ميزانيتها الأولى عام 1934 (1352)ه، كما تؤكد ذلك مصادر كتب المستشرقين مثل الإنجليزي جون فيلبي الذي يشير في كتابه (أربعون عاما في البرية) إلى بداية الإنتاج النفطي السعودي في نهاية حقبة الثلاثينيات من القرن الماضي كمورد أساسي لبلاد فقيرة آنذاك. وتشير المعلومات إلى أن أول ميزانية نظامية رسمية تعلنها الحكومة السعودية بلغت فقط 14 مليون ريال بعد إصدار العاهل السعودي الراحل الملك عبد العزيز بن الرحمن قرارا بإنشاء وزارة المالية التي كانت حتى ذلك الحين تحت اسم ''مديرية المالية العامة''، إذ كانت تتخذ من مكةالمكرمة مقرا لها لاعتبارات الصرف على مناحي الحج والاستفادة في الوقت ذاتهمن الحركة التجارية في تلك المنطقة التي يأتيها المسلمون من أنحاء العالم كافة. وينقل الكاتب الصحافي سعود المطيري في موقع ''إيميلات'' الإلكتروني بحسب الاقتصادية عن المستشرق الإنجليزي فيلبي قصة أول ميزانية على الإطلاق في تاريخ السعودية، مفصلا أبرز فقراتها، إذ قدرت عائدات النفط لعام 1939 وهو العام الأول لإنتاج النفط ب (3,2) مليون (جنيه) في حين بلغت نفقات الدولة لتلك الفترة نفسها (17,5) مليون جنيه. يشتمل هذا الرقم أيضا على مليون جنيه من الديون المستحقة التي لم تدفع بعد''، ويضيف المطيري:''منذ ذلك الحين فصاعدا تم جعل ذلك وسيلة لتأمين قروض دون فائدة، مثل جزء منها على الأقل المبالغ المستحقة التي لم تدفع من رواتب موظفي الدولة المعينين على مراتب متدنية''. ومقارنة بالأرقام التي صدرت عن آخر ميزانية 2011-2012 حيث قدرت الإيرادات ب 702 مليار ريال، والنفقات العامة ب 690 مليار ريال، يمكن ملاحظة الفروق الهائلة بين الميزانيتين الأولى والأخيرة، إذ بلغت إيرادات الأخيرة 50 ألفا ضعف إيرادات الأولى، لتشير إلى فروق ضخمة في حجم الإنتاج والاقتصاد حدثت في المدة الفاصلة بين الميزانيتين البالغة 78 عاما. ويمكن إرجاع بعض أسباب الفارق الكبير بين الميزانيتين إلى ارتفاع التضخم بالنظر إلى قيمة العملة المتداولة آنذاك بتلك التي تمثلها العملة ذاتها في العصر الحالي، إلا أن الاقتصاد السعودي الذي صار منذ عقود يعد أكبر اقتصاد عربي يعيش على وقع قفزات كبيرة منذ أعوام جعلته يسجل على مدى الأعوام القليلة الماضية أرقاما قياسية جديدة لميزانياته الأخيرة.