أكد رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكةالمكرمة سابقا الدكتور أحمد بن قاسم الغامدي ثبات موقفه حيال فتاوى أثارث جدلا في الأوساط السعودية، وأنه لا يزال معتقدا بصحة قوله في «سنة» صلاة الجماعة وعدم وجوبها، وأن تغطية المرأة المسلمة الحرة لوجهها وكفيها ليست بواجبة. وقال الشيخ الغامدي ل«عكاظ» إن العلم بالدين بابه واسع، ومرجعه المعرفة بالقرآن والسنة الصحيحة «حفظا وتدبرا وتفهما وتعقلا لمعانيهما وبذل الجهد لضبطهما رواية ودراية، وهذا يحصل بالتدرج في دراستهما دراسة دقيقة واعية، فيتعلم لفهمهما علوم القرآن كالتفسير وأصوله وعلوم العربية من لغة ونحو وصرف وبلاغة واشتقاق، وعلوم الحديث بدراسة كتب الصحاح والسنن وشروحها ودراسة علوم مصطلح الحديث ومبادئ المنطق وأصول الفقه وقواعده وأقوال الفقهاء اتفاقا واختلافا بأن يتأملها ويتعرف أوجه اختلافهم وأدلتهم ويدأب في البحث والحوار عند الحاجة، مع ضرورة فهم واقع ما يبحثه على حقيقته ويبذل طاقته في ذلك، ويسأل الله الفقه في الدين والهداية لما اختلف فيه من الحق فإن أنس القدرة على المشاركة والعمل بما أتقنه وإلا فليسأل من أهل الذكر من عرف بفهم ما جهله من الدين مما يلزمه». وأشار إلى أنه لم يندم على رأي نقله عمن سلف أو يسوغه اجتهادا بأدلة ظاهرة. ويرى الغامدي أن الساحة الفكرية والفقهية مسرح للاجتهاد المأذون به شرعا، تتسع لطرح الأفكار والآراء والبحث والمراجعة، «طالما أننا نتحاكم في ذلك إلى كتاب الله وسنة رسوله الصحيحة، وتحري الفهم الحق والصواب من نصوص الوحي ومعانيه ومقاصده مطلوب، واتباعه لازم، والخطأ والصواب يعرض لكل اجتهاد، ومن يرجو الله والدار الآخرة حقيق بخشية الله، فلا يقول على الله بغير علم، ولا يترك قول الحق خشية الخلق، والرجوع عن الخطأ إذا تبين واجب». وأوضح أن القول إن بعض الموسيقى جائز كالسلام الملكي والجمهوري وفواصل الأخبار، وبعضها غير جائز لما فيه من تحريك شجن وإثارة غرائز، فيه تعارض «لأن من حرم شيئا من الموسيقى استنادا لما روي في ذمها لزمه أن يحرمها كلها لأن ما يستند إليه من روايات الذم عام وليس فيه هذا التفصيل». ولفت إلى أن من حرم الموسيقى وهي عنده مباحة لأجل ما يصاحبها من التغني بكلام غير جائز أو لأجل ما يصاحبها من تبرج ومظاهر لا تجوز أو للأمرين فقد حرم المباح مع المحرم المصاحب له، «وهذا قد يتولد عنه لبس وهو اعتقاد الناس تحريم الكل»، لافتا إلى أن سبب وقوع هذا الخلل المتقدم في هذا القول إن قائله قصد به - والله أعلم - إصلاح في السلوك أكثر من كونه بيانا لحكم الموسيقى فغلب القصد التربوي، حتى لا يؤثم الناس في مسألة وقع فيه خلاف من جهة وحتى لا يتجرأ الناس على التوسع في السماع والوقوع في صور مذمومة منه من جهة أخرى. وأكد أن الخلاف في حكم المعازف قديم معروف. مضيفا: «أما الكلام والأفعال المصاحبة لها إن كانت محرمة فهي محرمة لذاتها سواء صاحبها موسيقى أم لا، ومن الخلط إقحامها في الخلاف الواقع في حكم المعازف». وألمح الشيخ الغامدي إلى أن العادات والتقاليد والمعتقدات الخاطئة والغلو في بعض مسائل الدين التي لها صلة بالحالة الاجتماعية من أكثر الأمور تعقيدا، وأن الناس متفاوتون في تعصبهم ضد كل رأي يخالف تلك الجوانب والعادات بحسب أسبابهم. مشيرا إلى تحسن نوعي ومتزايد في هذا الجانب، «ألاحظ اختلافا إيجابيا ملموسا في طريقة تفكير شريحة كبيرة جدا من أفراد المجتمع السعودي، رغم أن العادات والتقاليد لها نصيب الأسد في توجيه حركته، وعمره المدني قصير مقارنة بأكثر المجتمعات، وما استقر في أذهان أفراده من مبالغات دينية شيء كثير، إلا أن التغير المشهود كبير في كثير من القناعات نحو الأفضل».