فجر الدكتور صدقة فاضل عضو مجلس الشورى قنبلة من العيار الثقيل دون أن يشعر ربما عندما ذكر بأن المهاجرين السعوديين في الخارج يمثلون 5 % من عدد سكان البلاد على حد قوله، مطالبا بدراسة أسباب هذه الهجرة، بحسب صحيفة «عكاظ». ورغم أني أدرك بأن كثيرا من السعوديين يقيمون بالخارج إقامة دائمة وبعضهم أناخ ركابه في دول تعتبر أقل من حيث مستوى الرفاهية، إلا أن هذا الرقم كان مفاجأة لي بكل المقاييس خصوصا بالنسبة لبلد ما يزال في ريعان شبابه اقتصاديا ويقطنه عدد سكان أقل نسبة إلى هذه الدول التي يتم الهجرة إليها حاليا، خلاف كونه رقماً مرتفعاً بمقاييس المساحة والثروة أيضا. ظل الإعلام المحلي مشغولا باستعراض نسب لأجانب الذين يرغبون في الهجرة للمملكة، وكثيراً ما كانت الصحافة تدندن حول أعدادهم ونسبتهم وفقاً للمؤشرات الأجنبية والتي تضعنا في مقدمة الدول كما تشير تلك التقارير المتلاحقة، لكن بالنسبة لهجرة السعوديين للخارج «لا علم ولا خبر». أتذكر بأن أحد نواب الرئيس في شركة «أرامكو» قال لنا قبل بضع سنوات إنه يسكن في البحرين وعندما سألت عن السبب: قال التعليم وبعض الجوانب الاجتماعية !! وهذا يعود بي لتصريح سعودي شهير عندما سئل عن سبب الإقامة الدائمة في دبي فقال «الحياة في البلاد صعبة لأن كل واحد قاط معك في حياتك»، وهي مقولة منشورة في إحدى الصحف. في أحد الأيام كان يجلس إلى جواري على مقعد الطائرة القادمة من دبي أحد الشباب السعوديين وزوجته وعندما دار الحديث معه اكتشفت بأنهما مهندسا بترول قد تخرجا حديثاً من إحدى الجامعات الأمريكية بدرجة الماجستير، وأنهما وقعا للتو عقدا مع «شركة نفط أبو ظبي» للعمل هناك والاستقرار الدائم !! وفي صحيفة «الحياة» قرأت ذات يوم ردا مباشرا وصريحا من أحد الإعلاميين المقيمين في الإمارات عندما سأل عن غلاء المعيشة هناك مقارنة بالمملكة فقال: «العيشة هنا أغلى بكثير من السعودية، لكنني هاجرت لأعيش وليس لأسترزق»!!! وأعتقد أن هذا هو بداية الخيط الذي يفترض أن تنطلق منه هذه الدراسة المقترحة وإن كانت المسألة لا تحتاج إلى دراسات ولا هم يحزنون، لكن على فرضية أن الدراسة تمت وحلت أسباب الهجرة لانحلت معها 90 % من مشاكل البلد.