بعد تسع سنوات من إعلان أمانة جدة أنها نجحت في ابتكار واختراع تقنيات متطورة لمكافحة بعوض حمى الضنك، بمواجهته بما يعرف باسم «الذكور العقيمة»، فوجئ سكان جدة أن «الابتكار» الذي تفاخرت الأمانة في بيانها الرسمي في مايو 2007 بأنه يجعلها «أول هيئة مرجعية في العالم» تعنى بهذا المشروع ليس له أي موقع من الأحياء، ولم ينزل على أرض الواقع، ولم يجن الأهالي في هذه الأيام سوى سحابة بجناحين عريضين، اسمها غزو البعوض. ولأن الكثير من الأهالي لا يملكون بالطبع خلفية علمية عليا تمكنهم من التفريق بين أنواع البعوض، سواء الناقل للضنك أو الحامل ل«الحساسية الجلدية» أو صاحب «الطنين» بلا وخز، تضاعف قلقهم، خاصة في ظل تزايد حالات الإصابات بالضنك، التي تعلنها الصحة شهرا بعد آخر، ولكن «ما باليد حيلة». تذكروا أن التعديل الوراثي الذي كان من المفترض أن تتبناه الأمانة على غرار الدول الأخرى، لتقهر البعوض الناقل للمرض بتقنية «تعقيم ذكور الحشرات جينيا»، وذلك بالاستعانة بخبرات جامعة أرفين في كاليفورنيا في الولاياتالمتحدة وعلماء من جامعة أكسفورد، تم الشروع فيه فعليا، بل تواصلت الجهود وقتها -حسب الأمانة- «بجلب عدد من أسماك الجمبوزيا، التي وضعت في أربعة أحواض تابعة لمركز المزارع السمكية التابع لوزارة الزراعة في جدة، إذ يقوم المختصون حاليا بتربية هذه الأسماك وتغذيتها والعناية بها تمهيدا لإطلاقها في بحيرات مياه الصرف الصحي شرق بريمان. ويجرى الآن التنسيق مع إدارة الحدائق والتجميل في الأمانة لتكثيف زراعة بعض الأشجار الطاردة للبعوض، مثل أشجار النيم، الكافور، والكينا والإكثار منها في الحدائق العامة والمتنزهات والطرق والشوارع الرئيسية في جدة. والملفت للنظر أن الابتكار سبقه مشروع آخر، ففي عام 2006 أعلنت الأمانة أنها تعاقدت على استيراد 3 آلاف مصيدة بعوض للاستكشاف الحشري من سنغافورة، وصل منها في مارس من ذات العام الدفعة الأولى (200 مصيدة) لتوزيعها داخل المنازل أو بعض المدارس، وحسب الأمانة فإن جدة يكفيها 600 مصيدة بعوض. ورغم استفادة عدة دول من البعوض المهجن، منها بنما والبرازيل وماليزيا، إلا أن تجربة الصين تعد الأبرز، التي استحدثت مصنعا للبعوض يمتد على مساحة 3 آلاف متر مربع، هو الأكبر من نوعه في العالم، حيث ينتج كل أسبوع ما بين 500 ألف وأكثر من مليون بعوضة عقيمة، ويتمتع هذا النوع من البعوض المهجن بأنه عندما يتزاوج مع البعوض البري يصبح بيض البعوض البري غير قابل للتكاثر، ويتم إنتاج هذا النوع من البعوض تحت إشراف مركز الأبحاث المشترك، التابع لجامعة تشونغ شان وميشيغان، وذلك للحد من الأمراض المدارية التي تنقلها الحشرات ومنها الضنك والملاريا. ورغم كل تلك المحاولات والجهود إلا أن أحياء جدة لا تزال تنام اليوم على صدى طنين آلاف من البعوض «المختلفة ألوانه وأشكاله وأحجامه»، ولا أحد يجرؤ على البحث عن الابتكار. 2500 إصابة مؤكدة في الوقت الذي سجلت صحة جدة 2500 إصابة ضنك مؤكدة خلال العام الماضي 2015، أكد مصدر طبي بالصحة أن وضع الحالات مستقر حاليا، وهناك تناقص في أعداد حالات الاشتباه، خصوصا بعد انتهاء موسم ما يعرف ب«الفاشية الصغرى» المعتادة سنويا، الذي يمتد من نوفمبر حتى نهاية ديسمبر، ويمتد أحيانا إلى وسط شهر يناير. وبين في تصريحات ل«عكاظ» أن معظم الإصابات في الشهور السابقة كانت من أحياء وسط جدة، جدة القديمة (البلد)، العزيزية، بني مالك، مشرفة، الفيصلية، الصفا، البوادي، داعيا إلى إغلاق خزانات المياه بشكل محكم، وفي حالة وجود المياه الراكدة الاتصال بالأمانة وتسجيل الملاحظة. الأمانة: 60 دقيقة لمباشرة البلاغات رفض المتحدث الرسمي للأمانة المكلف المهندس عمر الحميدان، أي اتهامات تتعلق بتوقف عمليات الرش لمكافحة البعوض بشكل عام والناقل لمرض حمى الضنك على وجه الخصوص، مؤكدا في تصريحاته ل«عكاظ» أن «جهودنا في الرش مستمرة، وهناك فرق مخصصة لاستقبال بلاغات مستشفيات وزارة الصحة لحالات الاشتباه بحمى الضنك ومباشرة الحالة ومكافحة أماكن تواجد المصاب (المنزل، العمل) بشكل فوري وإعطاء بعض نشرات التوعية والإرشادات والأدوية الطاردة للبعوض، وتركيب الشبك المعالج بالمبيد في المنازل وبشكل خاص منزل المصاب». وبين أن من بين المهام متابعة بلاغات مكتب العمليات (940) ومتابعة بلاغات المواطنين الخاصة بالمكافحة الحشرية بشكل عاجل في خلال 60 دقيقة، ومتابعة رش مجاري السيول والمستنقعات وطفوحات الصرف الصحي، وبلاغات المواطنين بطلب الرش الخارجي (الضباب، الرذاذ) في الحدائق العامة والمجمعات السكنية وبجوار مجاري السيول، ومكافحة مواقع الغسالين برش أماكن تواجد غسالي السيارات ومتابعتها.