أولا، نسأل الله تعالى أن يتغمد بالرحمة كل الذين فاضت أرواحهم في بيته العتيق وفي أفضل يوم وهم يرفعون أكفهم إليه بالدعاء بعد أن قدموا من أصقاع الأرض لأداء فريضة الحج، ونسأله أن يمن على المصابين بالشفاء العاجل ويعيدهم إلى ديارهم سالمين غانمين. ثانيا، ما أسهل الكلام دون معرفة الحقيقة، وما أقبحه أحيانا عندما يتم توظيفه في كارثة إنسانية لتفريغ شحنات ملوثة بالحقد والخبث الدفين، ومحاولة التشويش والتعمية على حقائق واضحة يعرفها كل ذي بصر وبصيرة، لينجر خلف ذلك قطعان الجهلة والأتباع المنقادون دون وعي. الحديث هنا ليس للتبرير المجاني أو الالتفاف على الحقائق كما استمرأ بعض العارفين بها تزويرها وتحريفها وحتى إنكارها بالمطلق، وإنما لتأكيد المؤكد وإيضاح الواضح لمن لم يكن في يوم ما ضمن منظومة الكوادر البشرية التي تشارك في موسم الحج لخدمة ضيوف الرحمن، وأيضا لمن لا يتصور كيف تمضي مشاريع التوسعة في الحرم دون إخلال بانسيابية الحركة للملايين من الزوار والمعتمرين والحجاج. وربما لا يتصور البعض أن الهدف الأساسي والنهائي لكل المنظومة الهائلة التي تعمل هذه الأيام وتستعد منذ عام كامل هو عدم السماح بحدوث أي خلل أو خطأ، ولكن تظل دائما قدرة الله أقوى من كل قدرة، وأقداره حتمية على رقاب العباد مهما كانت احتياطاتهم. لقد مضت مشاريع توسعة الحرمين لسنوات طويلة وفق أعلى معايير الجودة والدقة والصرامة، غير متروكة للجهات التي تشرف عليها بشكل مباشر فقط وإنما بإشراف الدولة بقضها وقضيضها وبمتابعة مباشرة ولصيقة من خادم الحرمين الشريفين على امتداد عهود الحكم منذ البداية وصولا إلى العهد الحالي، لأنهم يعتبرون ذلك شرفا كبيرا ومسؤولية هامة تجاه المسلمين. كل صغيرة وكبيرة في مشاريع التوسعة موكلة إلى أفضل الشركات وبأفضل الخامات، دون حساب للتكاليف لأن بيت الله يستحق أن تفتح له خزائن الأرض كلها، فليست هناك خدمة أجل من خدمته. وقد مضى كل شيء على ما يرام، لكن الله قدر ما أراد يوم الجمعة الماضية. ومع ذلك فقد كان المسؤولون في موقع الحادثة فور وقوعها، وأصدر أمير المنطقة قرارا عاجلا بتشكيل لجنة من كل الجهات المعنية اجتمعت لحظة صدور القرار، وتتم متابعتها لحظة بلحظة لتصل النتائج إلى خادم الحرمين كي ينظر فيها. إلا أن المؤسف هو تعجل بعض وسائل الإعلام المتربصة بالمملكة وبعض أفراد الطابور الخامس في الداخل للتشويش واللغط والكذب البواح دون خجل من الله واستشعار لمأساوية الحادث. ستظهر الحقائق، وإن كان هناك تقصير مهما كان فلن يفلت مرتكبوه من العقاب، لكن العيب هو استغلال حادثة في حرم الله لإطلاق الروائح الكريهة من النفوس المريضة.