تعيش المملكة العربية السعودية واحدة من أعظم التحولات في تاريخها الحديث، وتتبوأ مكانة ريادية في قطاع التكنولوجيا الحديثة؛ إذ شهدت تحولات كبيرة في هذا القطاع، وتأتي هذه التحولات تحت القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان قائد التغيير وصانع رؤية المملكة القديرة. شهدت العاصمة الرياض فعاليات لمؤتمر (ليب 2025) وهو الحدث التقني الأبرز في منطقة الشرق الأوسط، جرى فيه تسليط الضوء على التحولات الكبيرة التي شهدها القطاع التكنولوجي في المملكة. كما جرى الإعلان عن سلسلة من الاستثمارات والإطلاقات التقنية قاربت قيمتها 25 مليار دولار. تركزت أغلبها على تعزيز الابتكار في البنية التحتية الرقمية وتنمية المواهب الرقمية، ودعم البحث والتطوير والابتكار، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، وتعزيز البنية التحتية التقنية. وقد شارك في مؤتمر (ليب) معالى الدكتور ماجد بن إبراهيم الفياض الرئيس التنفيذي لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث أحد رجال الرؤية الحريصين على إنزال مخرجاتها وتجسيدها واقعاً ملموساً على الأرض. فالمملكة الحديثة برؤية مبدعها سخّرت التقنية لخدمة الإنسان في المجال الصحي، فلم تعد مستهلكة للتقنيات الطبية، بل أصبحت مساهمة في تطويرها وتطويعها لخدمة الإنسان وراحته. سجلت المملكة براءة اختراع في طريقة زراعة القلب الروبوتية التي لم تكن مجرد نجاح طبي، بل لحظة تحول في طريقة تنفيذ العمليات الجراحية الكبيرة والمعقدة بعد أن أثبتت التقنيات أنها تستطيع أن تجعل الجراحة أكثر دقة وأقرب أماناً وأقل تعقيداً. كما أسهم التحول الصحي أحد ثمار الرؤية في إعادة صياغة المشهد الطبي عالمياً، فأصبحت المملكة تواكب التطورات وتضع بصمتها الخاصة في الابتكارات الصحية متبعة مفهوم أن المريض هو جوهر كل هذه التحولات حيث تساهم التقنيات المستحدثة في تحسن تجربته العلاجية من خلال تقليل التدخلات الجراحية وتسريع الشفاء والحد من المضاعفات مما يرفع من جودة الحياة الصحية للمواطن. موضحاً الدكتور الفياض أن المستقبل الصحي لن يصنع فقط داخل المستشفيات، بل من خلال تكامل القطاعات المختلفة، حيث يمكن للابتكارات في مجالات الأمن والصناعة والتقنية أن تساهم في حلول غير متوقعة للرعاية الصحية. وهذا ما هدف إليه مؤتمر ليب الرياض الهادف إلى تمكين المملكة من الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي وضمان امتلاك القدرات اللازمة للابتكار والتوسع في الاقتصاد الرقمي وهو عين ما تهدف إليه قيادة المستشفى لمواكبة واستثمار كل جديد في هذا المجال، وبخاصة فيما يتصل باستخدامات الذكاء الصناعي، الذي بات أحد الأنشطة الفاعلة في الصحة والطب الحديث. سبق هذا المؤتمر تنظيم «التخصصي» لمؤتمر الصحة الرقمي «DHCon» في الرياض، تحت شعار «الذكاء الاصطناعي التطبيقي في قطاع الرعاية الصحية» نوقشت فيه أكثر من 25 بحثاً من كبرى المؤسسات الصحية والأكاديمية وشركات التقنية، في 15 دولة، تتعلق كلها برحلة الصحة الرقمية، والطب الحيوي، والقيادة في عصر الذكاء الاصطناعي، كما شملت البحوث عرضاً للعوامل الأساسية والثابتة للسلوك البشري وعلم الأعصاب، ومحاكاة وتعليم الجراحة بلا حدود، إلى جانب تقنية المعالجة الذهنية في الرعاية الصحية، والكشف المبكر، والتشخيص المعتمد على الذكاء الاصطناعي في طب القلب، إضافة إلى تعزيز أنسنة البيانات وتوسيع الذكاء. وتطوير الوثائق والسجلات الطبية بما يسهم في توفير البيانات المطلوبة في الوقت الفعلي. وقد تم إطلاق مبادرات عدة، مثل «سباين»؛ الهادفة إلى تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي وتعزيز الشراكات في الرعاية الصحية، والعمل على تحسين نتائج الرعاية الصحية، مقروناً مع تخفيض التكلفة، فضلاً عن تعزيز الابتكار في القطاع الصحي، وفتح مسارات التعاون بين الأطباء والباحثين وخبراء التقنية. كما تم تطوير نظام «أنفال» القائم على تقنية الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بمدى رضا المريض، وتحليل تجربته، في سياق مواصلة المستشفى لتطوير البنية الرقمية وتعزيز جودة البيانات، مع مبادرات أخرى في تطبيقات أتمتة البروتوكول العلاجي، والطب الشخصي، والعمليات الجراحية الروبوتية لتعزيز «المسار التقني الراشد للتخصصي» ليكون في مقدمات المستشفيات ومراكز البحث العالمية المواكبة لحركة التطور العالمي المهول في هذا المجال، وليكون سعيه مشكوراً وجهده مباركاً وهو يسعى لأن يكون ضمن أكبر عشرة مستشفيات على مستوي العالم. رؤية المملكة القديرة حثت على استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي على النحو الذي يسهم في تقديم رعاية صحية متخصصة للمريض، وتحسين جودة الحياة، وتحقيق الرفاهية للمواطن وتيسير سبل عيشه في بيئة صحية معافاة وسليمة. ولعل فتوحات الذكاء الاصطناعي في مجال الطب ستكون كثيرة مما يعطي الأمل لعلاج الكثير من الأمراض المستعصية ومكافحة الشيخوخة والعجز الجسدي والتطور في مجال زراعة الأعضاء. فتوحات القيادة المتوثبة تضع الإنسان في مقدمة اهتمامها بتوفير أفضل الظروف له، وتحسين جودة حياته، وإشراكه في منظومة الحياة المتطورة عبر توسيع دائرة التعامل مع الذكاء الاصطناعي، والتقنية الحديثة، بوصفها أساسيات وضرورة المواكبة في عالم المستقبل الصحي القريب.