قال رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى التابعة للجامعة العربية الدكتور إسماعيل عبدالغفار إن إيرادات قناة السويس الجديدة التي افتتحها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي فى احتفالية عالمية أمس، بحضور زعماء وقادة العالم، ستنعكس بشكل إيجابي على الموازنة العامة للدولة في مصر، مطالبا جموع الشعب المصري بالصبر لمدة عام واحد فقط حتى يتم البدء في جني ثمار ما تم استثماره، سواء في المجرى الملاحي للقناة أو المشاريع الاستثمارية المصاحبة لها. وأضاف د. عبدالغفار ل«عكاظ» أن إيرادات القناة سوف تساهم في ارتفاع سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، وسد احتياجات الدولة من العملة الصعبة، منوها الى أن افتتاح القناة فى زمن قياسى بمثابة رسالة قوية إلى العالم على عزيمة واصرار المصريين وقدرتهم على بناء الاقتصاد والدخول ضمن النمور الاقتصادية خلال الفترة المقبلة. وحول أولوية المشروع لمصر فى ظل الظروف التى تمر بها مصر، خاصة فى ظل أجواء التشكيك التى أثارها تنظيم الإخوان، قال رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى إن مصر مرت فى الآونة الأخيرة بفترة عصيبة، وهذا ما جعل الرئيس عبدالفتاح السيسى يتجه الى الاهتمام بتفعيل دور الدولة لدفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد من خلال مشروع تطوير وتنمية قناة السويس، وهو ما انعكس إيجابيا على نجاح مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري الذى عقد في مارس الماضي في مدينة شرم الشيخ، وكذلك التشديد على أن مصر دولة مؤسسات، وأن أجهزة الدولة نجحت في إدارة المرحلة الانتقالية واستعادة النشاط الاقتصادي، بل وتحقيق قفزة تنموية في مشاريع البنية الأساسية من خلال إطلاق عدة مشاريع كبرى، وضخ المزيد من الاستثمارات العامة، وجذب الاستثمارات الخاصة، والشراكة بين القطاعين العام والخاص. وأشار د. عبد الغفار إلى أن القناة الجديدة سوف تضع مصر على خريطة الاستثمار العالمي، وزيادة ثقة المؤسسات الدولية المالية في الاقتصاد المصري، والتحول إلى التخطيط «القطاعي/المكاني» أو التخطيط الإقليمي، وإمكانية صياغة نموذج تنموي جديد يتجنب سلبيات النماذج التنموية السابقة، ويقوم على دمج وتحفيز شركاء التنمية على القيام بدور فعال في تحقيق أهداف التنمية من خلال ترسيخ مبدأ المشاركة أمام كل الفئات للمساهمة في تحقيق الأهداف القومية والمشاركة الشعبية البناءة في إعادة بناء مصر، وتوافر الإرادة السياسية في تنمية سيناء وتنمية محور قناة السويس، والبدء العملي لخطط التنمية الحقيقية، كقاطرة تنمية حقيقية للاقتصاد المصري. وقال إن قناة السويس ممر مائي اصطناعي بطول 193.30 كم يصل ما بين البحرين الأبيض والأحمر وتنقسم إلى قسمين، شمال وجنوب البحيرات المره، وتسمح القناة بعبور السفن بين أوروبا وآسيا، وتعتبر أسرع ممر بحري بين القارتين، وتوفر نحو 15 يوما في المتوسط من وقت الرحلة عبر طريق رأس الرجاء الصالح، كما أنها تستحوذ على 8% إلى 12% من حجم التجارة العالمية و22% من تجارة الحاويات بالعالم، بواقع 35 مليون حاوية، كما تعتبر من أهم مصادر الدخل القومي المصري والعملات الأجنبية، فضلا عن ارتفاع مساهمة قناة السويس في الناتج المحلي الإجمالي. وعن الجدوى الاقتصادية القصيرة والطويلة الاجل للقناة قال الدكتور عبدالغفار «مشروع قناة السويس لا تقتصر فوائده على الإيرادات المتوقعة منه أو زيادة عدد السفن، ولكن تكمن أهمية تلك القناة من خلال التنمية الشاملة للمنطقة بأكملها، وتحويل الممر الملاحي إلى مركز أعمال عالمي متكامل يعتمد على خدمات النقل البحري من إصلاح سفن وتموين بالوقود والإنقاذ ونظافة السفن وخدمات الشحن والتفريغ، بالإضافة إلى إنشاء مجمعات صناعية جديدة، ومجمعات للتعبئة والتغليف، ومراكز لوجستية، ومواني محورية على مدخلي القناة، بما يساهم في وضع مصر على خريطة سلاسل الإمداد العالمية وجزء من منظومة التجارة العالمية. وقال د. عبد الغفار إن أهمية القناة تكمن فى الفترة الحالية «قصيرة الأجل» فى تقليص فترة انتظار السفن التى تصل إلى 7 ساعات، وعبور ما يصل إلى 50 سفينة يوميا في كلا الاتجاهين، كما أن السفن القادمة من آسيا والجزيرة العربية استفادت من هذه القناة أيضا، في اختصار الطريق للوصول إلى أوروبا وأمريكا، بالاضافة إلى أن المشروع يوفر العديد من فرص العمل. أما عن الأجل الطويل فالمتوقع هو المساهمة بشكل إيجابي على الموازنة العامة للدولة، وارتفاع قيمة الجنيه أمام الدولار، وسد احتياجات الدولة من العملة الصعبة، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية من خلال السماح للشركات العالمية بتمويل المشاريع اللوجستية، وزيادة حجم الاستثمار الأجنبي والعربي في مصر، وتنمية شبكة الطرق لربط قناة السويس بالمنطقة المحيطة، وانشاء انفاق تحت القناة لسهولة الربط والاتصال بين القطاعين الشرقي والغربي لإقليم القناة، بالإضافة إلى تطوير ميناء نويبع وشرم الشيخ، وتنمية محاور عمرانية جديدة، ومضاعفة عائداتها السنوية من 5.3 مليار إلى 13.3 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2023، مشيرا إلى أن الاستثمارات المتوقعة لتنمية إقليم قناة السويس تصل إلى نحو 100 مليار دولار حتى عام 2023. وبسؤاله هل التعميق والتوسعة تساعدان فى استقطاب ناقلات البترول العملاقة قال د. عبدالغفار: المشروع الجديد سيسمح بعبور ناقلات البترول وهى بكامل حمولتها، وأيضا سفن الصب الجافة التى تحمل المواد الخام من الحديد والفحم والحبوب مثل القمح، والسماح للسفن العملاقة بغاطس 65 قدم بالمرور، حيث ان القناة الجديدة تلبى احتياجات ومتطلبات الاتجاهات العالمية والخاصة بزيادة أحجام السفن، بما يساعد على نقل كميات أكبر للبضائع على السفينة الواحدة، وهو ما يزيد من حجم التجارة الدولية. وحول تقليل فترة الانتظار وتأثيرة على زيادة عدد السفن التى تستخدم المجرى الملاحى، قال إن المشروع يتفادى العديد من المشكلات والأزمات المستقبلية ذات الصلة بالمعدل اليومى لعبور السفن، مؤكدا أن عدد السفن العابرة للقناة سيصل الى 97 سفينة يوميا بحلول عام 2023 وهو ما سيحقق هدفا مستقبليا هاما يتمثل في زيادة القدرة الاستيعابية لمرور السفن. وعن تأثير المشروع على القدرة التنافسية للقناة مع المجارى الملاحية الدولية الاخرى؟ قال رئيس الأكاديمية: قبل طرح الرئيس عبدالفتاح السيسي لمشروع القناة الجديدة كانت المكانة العالمية لقناة السويس مهددة من قبل العديد من الدول التى بدأت فى اقتراح بدائل، ولا سبيل لمواجة تلك التهديدات إلا بتطوير القناة واستعادة قدرتها التنافسية.