اللاء الأولى، لتصوير المواقف المحرجة التي يقع فيها المسئول أثناء تخاطبه مع الجمهور، أو تصوير مواطن القصور في المؤسسات والأماكن العامة، وبثها على وسائل التواصل الالكتروني، وتداولها بين الناس! اللاء الثانية، لإغلاق المطاعم والمستشفيات وملاهي الأطفال وما شابهها من أماكن تجارية عامة، حتى وإن تورطت في التقصير في الأداء بما يسبب ضررا للصحة العامة أو تهديدا للسلامة! اللاء الثالثة، لذكر أسماء من يثبت عليهم وقوعهم في مخالفات نظامية، أو يتسببون في حدوث تسمم أو نقل فيروس بسبب تدني مستوى النظافة والتقصير في مكافحة مصادر التلوث والتهاون في الحفظ الجيد للأدوية والأغذية! من يريد فرض هذه اللاءات الثلاث على الناس، يطالبهم بأن يكونوا صما بكما عميا، لا يرون شيئا ولا يتفوهون بشيء، فلمصلحة من يكون ذلك؟ قد تكون الإجابة السريعة: إن ذلك لمصلحة المسئولين والتجار والمستثمرين الذين قد يضر بمصالحهم، أو يقيلهم من مناصبهم، كشف ما يقع تحت إداراتهم وفي نطاق مسئولياتهم من تقصير وخطأ، وهذه اللاءات ما هي إلا لحماية مصالحهم، حتى إن جاءت على حساب حماية صحة الناس وسلامتهم. لكن الرافعين شعار اللاءات الثلاث، يقولون غير ذلك، هم يقولون: إن دعوتهم تلك هدفها حماية الأخلاق، وأن ما يحدث من تشهير وإساءة أو التسبب في خسارة مادية للمستثمرين، هو أمر يتنافى مع السلوك الأخلاقي السليم، وأن هناك أساليب أخرى غير هذه لمحاسبة المخطئ والمقصر! هنا تجد نفسك أمام وجهتي نظر، كل منهما تستحق التأمل، فهناك من يريد منك أن تضع سلامة الناس وصحتهم في كفة، وسمعة الموظفين ومكاسب المستثمرين في كفة أخرى، وأن تتعامل مع كلا الكفتين بدرجة واحدة، فهل تستطيع؟ وعلى افتراض أنك استطعت تحقيق التوازن بين الكفتين، واقتنعت بصواب تلك اللاءات المتصاعدة، هل يوجد ما يسد الفراغ الذي سيحدث متى طبقت تلك اللاءات؟ كيف يمكن إثبات خطأ حدث؟ وكيف ستظهر البراهين على وجود تقصير أو إهمال؟ هل هناك كاميرات تصور وتسجل كل صغيرة وكبيرة تجري وراء أبواب المكاتب وداخل المطابخ وفي ردهات المستشفيات؟ هل هناك عقوبات أخرى تقرص المخالفين كقرص الإغلاق؟ هل توجد وسيلة أخرى غير ذكر الاسماء تنبه الناس ليبتعدوا عن طبيب مهمل، أو مطعم ملوث، أو ملاهي أطفال متهالكة؟ أخيرا، أليس من أولويات دعم السياحة المحلية، أن يطمئن الناس إلى أنهم لن يتناولوا عشاء يأخذهم الى المستشفى، ولن يصحبوا أطفالهم إلى ملاهي تأخذهم إلى القبر! فكيف يمكن أن نطمئنهم؟