لماذا تراجعت أسعار الأسهم السعودية خلال الأيام الماضية رغم فتح السوق أمام المستثمرين الأجانب؟ وهل بالفعل ثمة علاقة بين ما يحدث بالسوق وبين الأزمة المالية اليونانية؟ وما هي الآفاق التي تنتظر سوق الأسهم خلال الفترة المقبلة؟ هذه الأسئلة وغيرها طرحتها «عكاظ» على عدد من المحللين للتعرف على آرائهم فيما يحدث وكانت هذه الإجابات: بداية قال خبير اقتصادي: إن السوق المالية السعودية يواجه اختبارا صعبا في الوقت الراهن، فعلى الرغم من أن المؤشر الاسهم سجل أمس ارتفاعا بنحو 26 إلى 9086 بتدالات 7٫6 مليارات وارتفاع أسهم 119 شركة. إلا أن المؤشر مرشح لمزيد من الانزلاق باتجاه 8500 نقطة، في حال كسر حاجز 9 آلاف نقطة والتي تشكل منطقة دعم قوية، مشيرا إلى أن النتائج المالية للربع الثالث ستحدد مسار المؤشر العام، فالسوق ترتبط بشكل مباشر بالنتائج الفصلية للشركات المدرجة ولاسيما بالنسبة للشركات المؤثرة. ولفت إلى أن القطاع البنكي يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق المزيد من الأرباح، وبالتالي فإن الجميع يعول على هذا القطاع في دعم السوق في حال شهدت أرباح قطاع البتروكيماويات تراجعا أو كانت مخيبة للآمال، ما يحدث نوعا من التوازن عبر القطاع البنكي. وأرجع محمد الزاكي (خبير اقتصادي) التراجع الكبير والسريع لمؤشر سوق الأسهم المحلية خلال تعاملات الأسبوع الجاري، إلى عوامل متعددة، منها ملف الأزمة المالية اليونانية وكذلك المخاوف من هبوط أسعار النفط، على خلفية المفاوضات الجارية بين مجموعة 5+1 مع إيران فيما يتعلق بالملف النووي، متوقعا أن تهبط أسعار النفط لمستويات غير مسبوقة بنجاح المفاوضات الحالية حول الملف النووي الإيراني والتوصل إلى اتفاق شامل بين إيران ومجموعة 5+1 وتجاوز جميع العراقيل التي تعترض طريق إبرام الاتفاقية الشاملة، لافتا إلى أن هناك مخاوف حقيقية بهبوط أسعار النفط للمستويات التي سجلتها في الفترة الماضية. وذكر أن العامل النفسي يلعب دورا أساسيا في تحريك التعاملات في سوق الأسهم السعودية، مشيرا إلى أن هبوط أسعار النفط مرتبط بشكل أساسي بشركات البتروكيماويات المدرجة في السوق. وأضاف أن الأزمة المالية اليونانية ما تزال سببا غير مباشر فيما يجري حاليا من انهيارات كبيرة في السوق المالية، مبديا تخوفه من استمرار الأزمة المالية على الأسواق المالية العالمية، مقرا في الوقت نفسه بصعوبة التكهن بتداعيات الأزمة اليونانية على منطقة اليورو، مبينا أن انعكاسات الأزمة اليونانية ليست خافية على الجميع، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية الاتحاد الأوروبي، خصوصا مع وجود مشاكل عميقة في أكثر من دولة أوروبية، مشيرا إلى أن إيطاليا تتصدر المشهد بالنسبة للمشاكل المالية، حيث تقدر المديونية الايطالية بنحو 2 تريليون يورو، فيما تبلغ نسبة الديون إلى الناتج الوطني في البرتغال 130 في المئة، مبينا أن التحسن حاصل في الاقتصاد البرتغالي، بيد أن الأزمة اليونانية قد تشكل انتكاسة كبيرة، بحيث تؤدي إلى تراجع في النمو، مؤكد أن النمو الحاصل في البرتغال مرتبط بالتسهيل الكمي. وأكد أن التقارير الدولية تتحدث عن تقلص فائض النفط في السوق العالمية، الذي شهد تراجعا ملحوظا في الفترة الأخيرة. وأضاف أن التخوف من الآثار الناجمة عن الاتفاق مع إيران بشأن الملف النووي، سيمهد الطريق أمام عودة طهران بقوة للسوق النفطية بعد رفع العقوبات التي ساهمت في تقليص حجم صادراتها اليومية، مبينا أن التقارير الدولية تتحدث عن وجود 40 إلى 50 مليون برميل من النفط الإيراني مخزنة الناقلات، حيث تراكمت هذه الكميات طيلة فترة العقوبات، جراء عدم قدرة ايران على تسويقها. لكن المحلل المالي حسين بن حمد الرقيب كانت له وجهة نظر أقل حدة من سابقه، إذ يقول: انتشرت في الأيام الماضية تحليلات حول أزمة الديون اليونانية وتأثيرها على أسواق المال العالمية ووصولها إلى سوق الأسهم السعودي، بل إن بعض التحليلات وصلت إلى وصف المشكلة بالكارثة التي سوف تتسبب في انهيار اقتصاديات العالم، ولعل هذه من المبالغات التي لا يمكن قبولها. ولمعرفة المشكلة نستعرض بدايتها التي كانت في عام 2009م حين اعترفت الحكومة اليونانية بأن هنالك تزييفا في الحسابات القومية، وأن الحكومة تعاني من عجز في الموازنة يقدر ب14 في المئة وأن حجم الدين اليوناني يعادل 115 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لليونان، وكان سبب هذا الدين المرتفع هو انضمام اليونان إلى الاتحاد الأوروبي فأدى ذلك لمنح دول الاتحاد الأوروبي لليونان قروضاً تتجاوز حجم اقتصادها، ما ساهم في تراكم فوائد الديون التي أثقلت كاهل الاقتصاد اليوناني، ورفض وزراء مالية الاتحاد الأوروبي طلب اليونان لتمديد العمل ببرنامج الإنقاذ المالي الحالي، الذي انتهي العمل به يوم الثلاثاء الماضي وهو نفس اليوم المقرر فيه أن تقوم اليونان بسداد 1.5 مليار يورو لصندوق النقد الدولي. وهذا المبلغ من المؤكد بأن اليونان غير قادرة على سداده وأصبحت أمام تحد صعب في الرضوخ إلى مطالب الدائنين في دول الاتحاد الأوروبي، حيث عرضت على الحكومة اليونانية حزمة مساعدات جديدة لسداد ديونها مقابل التزام أثينا بتنفيذ سياسة تقشف، أثارت احتجاجات واسعة من المواطنين ضد هذه الشروط القاسية، ما اضطر الحكومة اليونانية إلى وضع عضوية اليونان في منطقة اليورو على المحك عندما دعا رئيس الوزراء اليوناني إلى عمل استفتاء شعبي على سياسة التقشف في الخامس من يوليو المقبل، وهو ما تسبب في أغلاق البنوك اليونانية لمدة 6 أيام، اعتبارا من الاثنين الماضي خوفاً عليها من الانهيار، على أن المصرف المركزي الأوروبي ذكر بأنه سوف يواصل ضخ السيولة في النظام المصرفي اليوناني. يذكر أن القطاع المصرفي اليوناني يعتمد اعتماداً كبيراً على السيولة التي يضخها المصرف المركزي الأوروبي ولو توقف هذا الضخ سوف يؤدي إلى خروج اليونان من منطقة اليورو وإن كان خروجها لن يشكل خطراً على الاقتصاد العالمي ويمكن لليونان الإعلان عن انسحابها من اليورو والإفلاس، وبذلك تتخلص من بعض الديون. ويتساءل الرقيب: بعد استعراض مشكلة الديون اليونانية، هل فعلاً سوف تتسبب تلك الأزمة في انهيار اقتصادي في العالم والبورصات؟ وهل تتأثر بذلك الأسهم السعودية؟ ويجيب الرقيب على تساؤلاته بقوله إن الحقيقة أن الأزمة اليونانية قد تُحدث أزمة اقتصادية، ولكن لن يكون لها ذلك التأثير القوي، عازيا ذلك لحجم الدين اليوناني الذي لا يمثل إلا جزءا يسيرا من الاقتصاد العالمي، وربما يتأثر اليورو بهذه الأزمة وينخفض سعره أمام العملات الأخرى، وهذا لن يكون سيئا لدول الاتحاد الأوروبي، التي تتعامل باليورو، حيث يساهم اليورو المنخفض في زيادة صادراتها. وفيما يخص سوق الأسهم السعودية، يؤكد أنه لن يكون هنالك أي تأثير مباشر من الناحية العلمية، حيث إن الشركات المساهمة ليس لها ارتباط مباشر بالأزمة، وأن ما يحدث من هبوط في أسعار الأسهم الفترة الماضية نتيجة عوامل نفسية ومع مرور الوقت سيتم التغلب عليها وتعاود الصعود.