الأهلي يُعمق جراح الرائد بثنائية    ترامب: سياسة الرسوم الجمركية تسير بشكل جيد    القبض على شخصين في الشرقية لترويجهما مادة الإمفيتامين المخدر    أموريم يعرب عن ثقته في أونانا رغم أخطاء مباراة ليون    لأسباب مالية...هونيس يستبعد ضم فيرتز حاليا لبايرن ميونخ    تحطم طائرة صغيرة في فلوريدا الأميركية ومقتل 3 أشخاص    نادي الأنوار يحقّق إنجازاً غير مسبوق ويتأهل لدوري الدرجة الأولى "يلو"    طريق صلاح الصعب إلى عرش كرة القدم الانجليزية    أمين القصيم يلتقي مدير مكتب جمعية الوداد الخيرية    FreeArc سماعات بخطافات للأذن    بر بيش تقيم حفل معايدة الأيتام تحت شعار فرحة يتيم    معايدة الموظفين تكسر الروتين وتجدد الفرحة    إحباط محاولة تهريب أكثر من 46 كيلوجرام من "الكوكايين"    أمين عام غرفة جازان: تتويج الغرفة بجائزة التميز المؤسسي ثمرة سنوات من التحديات والتطوير    الأرصاد: انخفاض في درجات الحرارة شمال المملكة    الجمهورية العربية السورية وجمهورية كوريا توقّعان اتفاقًا لإقامة علاقات دبلوماسية    موعد مباراة الهلال والاتفاق اليوم في دوري روشن    مشامر الجلوات السبع صناعة هندية وطقوس سعودية    هرمون التستوستيرون عند النساء    جوزيه قوميز: مواجهة الخليج هي الأهم.. ونسعى لإنهاء الموسم بأفضل صورة    أشجار «الجاكرندا»    أعراس زمان    روبوتات الإسعافات الأولية    «أسبوع فن الرياض» منصة عالمية    قوانين لحماية التماسيح    أمانة الطائف تجهز سجادة زهور ضخمة بمنتزه الردف    شركة "لسان الميزان – محامون ومستشارون" تستقبل الدكتور محمد بادغيش في جازان    الجاسر ريادة المعرفة والتنوير في قلب الجزيرة العربية    الاتحاد يتغلّب على العروبة بثنائية في دوري روشن للمحترفين    قطاع ومستشفى ظهران الجنوب يُفعّل "التوعية بالقولون العصبي"    مستشفى أحد رفيدة يُنفّذ فعالية "اليوم العالمي للصحة"    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة وهيئة التراث توقعان مذكرة تفاهم    إعادة توطين 124 من طيور الحبارى النادرة في محمية الملك سلمان الملكية    475 ألف غرفة مرخصة في المرافق السياحية بنهاية 2024    4 متوفين دماغيا ينقذون حياة 8 مرضى    نمو قياسي في إنفاق السياحة الوافدة بمنطقة عسير خلال عامين    جامعة الأميرة نورة تمنح حرم خادم الحرمين الأميرة فهدة آل حثلين درجة الدكتوراه الفخرية في المجال الإنساني والأعمال الاجتماعية    مشروع الأمير محمد بن سلمان يُجدّد مسجداً عمره 13 قرنًا    في الخبر.."جوازك إلى العالم" تنطلق بالثقافة السودانية    الحياة الفطرية تُطلق 25 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    90 دولة تشارك بمهرجان الثقافات والشعوب    الإحصاء تنشر نتائج مؤشر الرقم القياسي للإنتاج الصناعي لشهر فبراير    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    محافظ بيش ينقل تعازي سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه لذوي الطالب معاذ شيبة    «السمان».. زائر موسمي للشمالية    كنوزنا المخبوءة    اعتبرها مراقبون ممارسة لإستراتيجية الضغط قبيل التفاوض.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على إيران    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    رفع التهنئة للقيادة الرشيدة.. وزير الطاقة: 14 اكتشافا جديدا للنفط والغاز في الشرقية والربع الخالي    ولادة أول ظبي رملي لموسم ربيع 2025 في السعودية    الصين تنفي إرسال جنود للمشاركة في الحرب بأوكرانيا    الاحتلال يقتحم نابلس موسعا عدوانه بالضفة الغربية    حين يتصدع السقف    مملكة الخير وميلاد قطب جديد    الحسد    سطوة المترهلين في الإدارة    أمير حائل يستقبل رئيس الهيئة العليا للحج والعمرة بجمهورية العراق ووزير الحج والعمرة    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كوباني اختارت الموت على داعش

كما هي العين في أعلى الرأس، تقع عين العرب (كوباني) في قمة الرأس السوري هناك أقصى الشمال، ورغم أنها آخر الأمتار في الأرض السورية قرب تركيا، إلا أن كرة الحرب تدحرجت من أقصى الجنوب في درعا إلى أقصى الشمال لتصل كوباني وتخرج منها بعد أن تحصد الأرض والزرع والضرع.. هنا في هذا السهل الأحمر أرض القمح والزيتون، وفوق الأرض كانت هناك مدينة تسمى كوباني.. لم يعد لها وجود على الأرض ولكن جذورها ما زالت راسخة.. من هنا مرت داعش على الأرض.. والتحالف في السماء.. لتنضم كوباني إلى قائمة مدن الحرب العالمية.. نوثق ذلك بالصور لا بالكلمات.
26 يناير انتهت عاصفة كوباني، عاد الهاربون من جحيم الحرب إلى مدينتهم المدمرة بالكامل، لا تجد شارعا إلا وشقته قذائف الهاون وجنازير الدبابات، ولا تجد بيتا إلا واخترقته الصواريخ.. مدينة قلبتها معارك التحالف وداعش ووحدات الحماية إلى بقايا مدينة.. وتساءلنا أمام النخب السياسية والعسكرية والثقافية.. هل يستحق منع داعش من دخول المدينة هذا الثمن الباهض؟.
حاولنا أن نستطلع كل الآراء في هذه المدينة حول سؤال ثمن الدمار، ووجدنا جوابا واحدا لدى الصغير والكبير، ولدى من فقدوا كل ما يملكون في أرضهم هي «الموت أهون علينا من داعش». شردت الحرب «غير المبررة» على كوباني ما يقارب 60 ألفا من الأكراد والعرب وارتمت أفواج النازحين، منهم من تمكن الدخول إلى الأراضي التركية ومنهم من بقي في العراء أياما في ذروة الشتاء. لاحقت داعش حتى النازحين على الحدود التركية بسياراتها المفخخة، كان الهدف منها حرب إبادة لهذه المدينة، ويقر الأكراد أن من حسم المعركة طيران التحالف الدولي في السماء وصمود وحدات الحماية على الأرض.
يقول هارون كوباني قائد الجبهة الغربية في حوار ننشره فيما بعد، كان لدينا خيار واحد هو الموت على أن نرى داعش تتجول في شوارع المدينة. ويضيف: بلغ القتال أشده إلى أن وصلت المواجهات مع داعش داخل البيوت والغرف، وكان قرار كل كردي وعربي في هذه المدينة «الموت».
تفخيخ مدينة بالكامل
تحولت عين العرب كوباني – المدينة التي لا تتجاوز ال7 كيلومترات مربعة - إلى مسرح حربي كوني لم يبق حجر على حجر، هذا المسرح الذي شهد أم المعارك في السماء والأرض، فطائرات التحالف تمطر الصواريخ الإلكترونية الموجهة وأرض داعش تبعث قذائف المدافع والدبابات وكل أنواع السلاح، وما بينهما وحدات الحماية الشعبية.. أما عين العرب فقد أعماها غبار المعركة.
انقضت «المغول» الدواعش على كوباني في ليلة ظلماء لتحولها إلى جحيم أسود، مارسوا فيه حرب إبادة وإلغاء لأكثر من ستين ألفا ضاقت بهم الأرض لتقذفهم إلى الأراضي التركية يبحثون عن سماء بلا صواريخ وأرض بلا نار. يصف أهالي كوباني ما جرى في حربهم ضد داعش بحرب الجنون، فلا تكاد ترى شبرا من هذه المدينة إلا وله رواية مؤلمة مع إجرام داعش، استخدم هذا التنظيم أعلى درجات الإجرام والتصفية البشرية، ومع كل ذلك صمدت الإرادة أمام النار لتنتهي الحرب بهزيمة مرة لقوى الشر. يقول أحد شهود يوميات الحرب على كوباني، فقدت الحياة معناها هنا، لم نعد نعرف سوى الموت ولم نعد نشتم إلا رائحة الجثث حتى ظننا أنها نهاية التاريخ على هذه الأرض. ويستذكر يوم التفخيخ الكبير ويكاد لا يصدق ما يرويه، ويقول: حين اشتدت المعارك بين وحدات الحماية وداعش وصدت الوحدات تقدمهم قرروا حينها تحويل المدينة إلى كتلة من اللهب وأرسلوا أربعين سيارة مفخخة في يوم واحد حولت المدينة إلى رماد.. وينهي حديثه بغصة وألم: بقينا هنا حتى الموت.. وانتصرت الإرادة.. إنها حرب أفكار لا نار.
إعادة الإعمار
في الشهر الثالث الماضي انطلق مؤتمر إعادة إعمار كوباني في مدينة آمد شمالي كردستان العراق، ومع أن المؤتمر خرج ب16 مقترحا الإعمار، الصحة، التعليم، الزراعة، الطاقة والبنية التحية وغيرها.. إلا أن كل هذه المحاولات لن تغير في حال المدينة.. في كوباني الناس بلا كهرباء.. بلا ماء.. فيما يقبع الفرات على مسافة 150م على مقربة من مناطق سيطرة داعش.. في كوباني موت بطيء أمام أنظار العالم. ومع ذلك يعول الأكراد على الإرادة التي هزموا بها داعش على أسوار المدينة، في إعادة إعمار مدينتهم، كيف لا وهذه المدينة بلاد المعماريين لكل سوريا، إنها أكبر طاقة بشرية وفنية في مجال الإعمار. وقد بدأت الإدارة الذاتية التي تحكم كوباني بورشات عمل سنقف عندها كثيرا في حوار مع رئيس الإدارة الذاتية أنور مسلم.
يدرك الأكراد أنهم كانوا وما زالوا رأس حربة دولية في مواجهة إرهاب داعش، وأنهم وقودها في هذه المواجهة الكونية مع قوى الإرهاب والظلام، إلا أن لا خيار لهم سوى القبول بهذا الأمر الواقع.. إنها حسبما يقولون حرب فرضت علينا ولن نطأطئ رؤوسنا أمامها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.