بعد أكثر من 50 يوماً من الحصار والمعارك في مدينة عين العرب السورية (كوباني بالكردية) بين تنظيم "الدّولة الإسلامية" (داعش) و "وحدات حماية الشعب الكردي"، وعلى رغم أنّ التنظيم كان يتوقع انتصاراً سريعاً، إلّا أنّ هذا لم يحدث إلى الآن، فما أسباب ذلك؟ بدأ حصار المدينة المجاورة للحدود مع تركيا في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، حين شنّ مسلّحو "داعش" سلسلة هجمات على كوباني واقتحموا أجزاءً كبيرة منها، ما دفع أكثر من 300 ألف شخص من سكّان المدينة إلى النزوح، بينهم أكثر من مئتي ألف عبروا إلى تركيا، بينما لا يزال مئات المدنيين في المدينة. ويدافع من بقي في كوباني تقودهم "وحدات حماية الشعب" الكردية التابعة لحزب "العمّال الكردستاني"، عن المدينة. وسيطر التنظيم في بداية المعارك على حوالى خمسين في المئة من المدينة من ضمنها المربع الأمني في شمالها الذي يضم مقار وحدات الحماية و "الأسايش" (قوات الأمن الكردية) والمجلس المحلي للمدينة، بعد أن استحوذ على مساحات شاسعة في محيطها تضمّ عشرات القرى والبلدات. وعلى رغم دفاع "وحدات حماية الشعب" المستميت عن كوباني، إلّا أنّها كانت تعاني من ضعف في الإمكانات العسكرية ونقص في العتاد، وهو ما دفع قوّات "التحالف الدولي العربي" بقيادة واشنطن، إلى إلقاء أسلحة وذخائر ومواد طبيّة للمقاتلين الأكراد خلال الحملة التي بدأتها هذه القوات في العراق وسورية في تشرين الأول (أكتوبر). ووجّه "التحالف" ضربات لمواقع "التنظيم" في كوباني وخارجها، كانت بعضها دقيقة استهدفت أرتالاً وسيارات مفخخة متّجهة إلى المدينة، وجاء ذلك نتيجة تنسيق بين قوات التحالف وقوات "الحماية" الكردية. وأدت ضربات "التحالف" التي استهدفت كوباني ومدناً سورية أخرى إلى سقوط 746 مقاتلاً من "داعش"، وفق "المرصد السوري لحقوق الإنسان". وقتل في معارك كوباني ومحيطها 958 شخصاً هم 576 مقاتلاً من التنظيم المتشدد و361 مقاتلاً من "وحدات حماية الشعب" ومسلحون آخرون موالون لها، إضافة إلى 21 مدنياً إلى الآن، وفق "المرصد". وأعلن الجيش الأميركي في الثامن من الشهر الماضي أنّ المقاتلين الأكراد ما زالوا يسيطرون على مدينة كوباني ، لكنه أقر بأن الضربات الجوية وحدها لن تكفي لإنقاذها. وفي 22 تشرين الأول أقر برلمان كردستان العراق إرسال قوّات من "البيشمركة" إلى كوباني عبر تركيا في أواخر الشهر الماضي. وانضم الأسبوع الماضي حوالى 150 عنصراً آتين من شمال العراق، مزودّين بعربات مدرعة ومدفعية وراجمات صواريخ مكّنت المدافعين عن البلدة من قصف مواقع "داعش" للمرة الأولى يوم الخميس. كذلك دخل في آواخر شهر تشرين الأول، 150 مقاتلاً من" الجيش السوري الحرّ" إلى مدينة كوباني للمشاركة في المعارك إلى جانب الأكراد، على رغم عدم رغبة "وحدات حماية الشعب" الكردية ذلك، واصفين أنّ "دخول الجيش الحر هدفه سياسي أكثر منه عسكري". ويبدو أنّ ضربات "التحالف" وانضمام "البيشمركة" إلى المقاتلين في المدينة، إضافة إلى معرفة عناصر وحدات حماية الشعب الكردية بمدينتهم وهو ما منحهم الأفضلية في حرب الشوارع مع عناصر "داعش"، كلّها عوامل ساهمت في صمود المدينة التي كانت المؤشرات ترجّح سقوطها سريعاً في يد التنظيم. * من إعداد هبة زيباوي