جاءت عاصفة الحزم من بعدها عملية اعادة الامل في الوقت الذي يتعرض فيه الأمن القومي العربي للتهديد والخطر، في أوج التغيرات والتحولات وتنامي نفوذ وقدرات التنظيمات الإرهابية، إلى جانب تنامي التغلغل والنفود والتدخل والأطماع الإيرانية في المنطقة العربية، ودعمها لحلفائها سياسيا وماليا وعسكريا من أجل تنفيذ مخططها الطائفي وتصدير ثورتها وتشكيل جيش يكون تابعا لسيطرتها وحكمها وقيادتها في الكثير من الدول العربية، لتكون جيش الهلال الشيعي، ليكون أداة لتنفيذ مخططاتها وسياستها، والعمل من خلاله على زعزعة أمن واستقرار دول المنطقة، فإيران استطاعت في غمرة انشغال الدول العربية بمشاكلها الداخلية، والفراغ الذي ترافق مع سقوط النظام العراقي، أن تستغل هذه الفرصة وتبدأ في التمدد والنفوذ، وأخذت تهدد أمن واستقرار الأمن القومي العربي بشكل عام والخليجي بشكل خاص، وأخذت بالتوسع وتشكيل خلايا ومراكز قوى وبناء تحالفات استراتيجية وتوفير الدعم والمساندة لحلفائها في المنطقة في كل من العراق ولبنان وسوريا واليمن، فكانت عاصفة الحزم في اليمن ضد الحوثيين نقطة تحول استراتيجية لمواجهة هذا التمدد والقضاء عليه، ونقطة تحول في طبيعة التنافس الإقليمي بين السعودية وإيران، لترسم معها ملامح جديدة لمنطقة الشرق الأوسط بشكل عام والمنطقة العربية بشكل خاص وتحديدا منطقة الخليج العربي. مع تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم بدأت المملكة بإعادة ترميم العلاقة مع حلفائها وبناء تحالف خليجي وعربي واتباع سياسة الردع الوقائي الأمني والدفاعي، للتصدي وإيقاف التمدد الشيعي بقيادة إيران الساعية لفرض سيادتها وسيطرتها على المنطقة العربية، كما استطاعت المملكة من خلال بناء وتفعيل الاستراتيجية الوقائية التعامل مع كافة التهديدات والتحديات والمخاطر المحيطة سواء بمنطقة الخليج العربي أو بالمنطقة العربية، من قبل التنظيمات والجماعات الإرهابية كداعش والقاعدة والحوثيين، وهذه الاستراتيجية برزت من خلال تشكيل قوات التحالف العربي للتصدي للحوثيين بعد انقلابهم في اليمن. في ظل التطورات التي شهدتها المنطقة العربية وتحديدا منطقة الخليج العربي من اختلال ميزان القوى سياسيا وعسكريا، وصعود وبروز قوى إقليمية وتراجع للدور والمكانية الإقليمية لدول عربية كبيرة، جاءت عملية عاصفة الحزم لتعيد ترتيب الأدوار والأوراق والحسابات لكافة القوى، وتعيد صياغة المفاهيم والتوازنات السياسية والعسكرية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط، وإيصال رسالة لكافة القوى الإقليمية والدولية، بقدرة الدول العربية على حماية مصالحها ومقدراتها والدفاع عنها والمحافظة على أمن واستقرار دولها. إن الاتفاق على تشكيل قوة دفاع عربية مشتركة، دليل على إيمان الرؤساء العرب بحتمية تفعيل الاستراتيجية الدفاعية والوقائية، وعدم الاعتماد على قوات التحالف الغربية في حماية أمن الدول العربية ضد أي تهديد. * كاتب وباحث فلسطيني