هي صدفة عجيبة إذا تم إقرار اختيار السيد إسماعيل ولد شيخ أحمد مبعوثا أمميا جديدا في اليمن؛ لأنه كان مسؤولا عن ملف مرض إيبولا في أفريقيا، واليمن مصاب حاليا بإيبولا سياسية جعلته ينزف من كل شرايينه وأوردته حتى أوشكت على الجفاف، ومثلما هي إيبولا عصية على الاجتثاث بشكل نهائي ما لم يتوصل العلم إلى طريقة للقضاء على الفيروس، فإن إيبولا اليمن لن تنتهي ما لم يتم القضاء على الفيروسات التي توحدت جيناتها وتحورت لتخلق فيروسا خبيثا يريد تحويل اليمن إلى جثة في مدفن التاريخ. كل محب لليمن يتمنى سيطرة العقل وتغليب المصلحة العليا للوصول به إلى بر الأمان بالحوار السياسي وليس بالسلاح والحرب، ولكن هل هناك مؤشرات مطمئنة إلى الآن تبشر بإمكانية تحقيق هذه الأمنية؟. لقد انتهت المهلة التي حددها مجلس الأمن، والمتوقع أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة غدا تقريرا عن التزام الأطراف اليمنية بقرار مجلس الأمن 2216 ومدى تنفيذ بنوده، والحقيقة أنه لا حاجة لانتظار بان كي مون وتقريره؛ لأنا شاهدنا تقريرا حيا جسد لنا كل الحقيقة، فمنذ إعلان توقف عاصفة الحزم لم تتوقف ميليشيات علي صالح والحوثي عن عملياتها، بل إنها أعادت تنظيم صفوفها وخططت لمزيد من الهجمات وقررت اقتحام المحافظات التي استعصت عليها سابقا. لقد كان من أهم بنود القرار 2216 الانسحاب من جميع المناطق التي سيطرت عليها الميليشيات الانقلابية وتسليم السلطة دون قيد أو شرط، وذلك ما لم يحدث ولا يوجد مؤشر على أنه سيحدث، وما نراه هو استمرار صلف الحوثي وصالح، وكأن شيئا لم يقرره مجلس الأمن، وكأن عاصفة الحزم لم تتوقف، رغم أن علي صالح سبق أن ناشد التحالف بإيقافها مطالبا بالحوار السياسي، ما يثبت أن هذا الشخص سيمضي إلى ما لا نهاية في مراوغته ولا يهمه أن تحترق اليمن وينهار كل شيء فيها، أما الحوثي فإنه يتلقى تعليماته من المراوغين الأكبر في طهران الذين إذا لم يتحقق حلمهم في اليمن فلن يأسفوا على تمزقه. هنا لا بد من طرح السؤال الجوهري: هل مازال هناك أمل في استجابة الانقلابيين للحل السياسي، أو إمكانية التزامهم بتطبيق أي بند من قرار مجلس الأمن أو أي قرارات أممية أخرى؟ للأسف الشديد، لا يبدو أن ثمة أملا، بوجود الفيروس الأخطر علي صالح، وإصرار إيران على دس أنفها في القضية بصورة مباشرة أو غير مباشرة بإدارة وتوجيه ودعم الحوثيين. ما يبدو أن القضية ستنحو إلى مزيد من التعقيد رغم كل الجهود المخلصة التي يبذلها الصادقون مع اليمن، وفي مقدمتهم المملكة. [email protected]