لا تزال آلية نشر وتوزيع الكتاب السعودي محل جدل بين المثقفين السعوديين، فغياب صناعة الكتاب المتكاملة يدفع المؤلفين إلى الهجرة بمؤلفاتهم إلى دور نشر عربية ما يسهم في ضياع حقوقهم، إضافة لاتهامات المؤلفين للناشرين بعدم إعطائهم حقوقهم كاملة، والناشرون يقولون إن المؤلفين ينظرون إلينا كتجار. في ظل ذلك الجدل يوضح وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان، أن الوزارة تدرس منذ أعوام فكرة مشروع إنشاء شركة متخصصة في تسويق الكتاب السعودي، إذ عقدت وكالة الوزارة للشؤون الثقافية اجتماعات عدة، مشيرا إلى أن المشروع لا يزال في طور الدراسة، ويؤمل أن تسهم المؤسسات الثقافية في تنفيذ هذا المشروع نظرا لكونها على اتصال بالواقع ومن خلال ما لمسته وشخصته ميدانيا يمكنها أن تسهم في تعزيز دور شركات النشر لتتجاوز ضعف أدائها في تسويق الكتاب المحلي. الكاتب الدكتور عبدالله الكعيد يرى أن عدم توفر دور نشر سعودية بسقف حرية جيد سيسهم في ضياع حقوق المؤلف مع دور النشر المحلية والعربية، ويلزم المؤلفين الشباب بدفع أموال لدور النشر لتطبع له مقابل إغراء مادي مجز، بصرف النظر عن جودة ومكانة المحتوى، لافتاً إلى أن الناشر لا يعنيه بعد أن يضمن تكاليف النشر وبعض الربحية في توزيع الكتاب من عدمه، والمؤلف لا ينال شيئا من حقوقه المادية عدا نسخ محدودة، مطالبا وزارة الثقافة والإعلام بالمرونة في إجراءات منح تراخيص للناشرين لافتتاح المزيد من دور النشر، وتفاديا لهجرة رؤوس الأموال السعودية إلى بلدان أخرى لتأسيس الدور. من جهته أوضح المدير العام لدار مدارك للنشر خالد العتيق، أن هناك فرقا بين دور نشر سعودية متكاملة وتطبع طوال العام ودور نشر موسمية تظهر مع معارض الكتب ثم تختفي، مشيراً إلى أنه لكل دار فلسفتها ورؤيتها، ومؤكداً على أن كل توجه لطباعة كتاب جديد واعتماده مقامرة جديدة كون جدوى ربحيته وتفاعل القراء معه ونفاد نسخه في علم الغيب والحظ يلعب دورا كما يرى. أما الناشر عادل الحوشان فيوضح أن هناك عقبات تواجه الناشر، منها الرقابة الصارمة والتقليدية أحيانا، ما دفع البعض للهجرة خارج الحدود لتأسيس دار نشر، مضيفا بأن سقف الحرية في معرض الرياض أرفع منه في بقية العام، ويرى أن الخامات لصناعة الكتاب السعودي متوفرة ليبقى الإشكال في نقاط البيع خارج المعارض الرسمية، مشيراً إلى أن المكتبة التجارية لا تستطيع أن تغامر بمشروع ثقافي دون مراعاة الجانب الربحي حتى وإن كان لديها مشروعها الثقافي والاجتماعي، وبخصوص الشأن القانوني أوضح أن الإجراءات سهلة وواضحة وممكنة من خلال العقود وإن كانت القضية في الصياغة القانونية لحفظ حقوق الجميع، لافتاً إلى أن الإشكالية المركبة حاليا تكمن في صياغة العقود من قبل الناشرين دون تدخل من المؤلفين ما يسهم في ضياع حقوق المؤلف، مؤملا أن تتبنى وزارة الثقافة تأسيس شركة توزيع وتسويق شأن شركات توزيع الصحف، مؤكداً أن هناك ضحايا سعوديين يسهمون في ضياع حقوقهم مع الناشر العربي. ويرى الحوشان أن بعض المؤلفين بعناوينهم وموضوعاتهم تجاوزوا المجتمع وأطروحاتهم نخبوية في الجانب الفلسفي والقراءة للفكر الديني وبعض العناوين صادمة وتضر بالمؤلف والناشر. وكشف الحوشان أنه حتى اليوم لا يوجد هيئة لتحرير الكتاب ثابتة مع دار النشر ومن الصعب توفير هيئة تحرير، مبديا أسفه أن بعض المؤلفين يسيئون الظن بالناشرين ويظنون أنهم يطبعون الكتاب أكثر من طبعة دون ضمان حقوقهم علما بأن الألف نسخة من كتاب واحد يتعامل معها طيلة خمسة أعوام، مبينا أن هناك حلقة مفقودة بين المؤلف والناشر، فالمؤلف يريد كتابه متوفرا في كل المكتبات السعودية دون إدراك بإشكالات المكتبات كونها تقاسم الناشر مبلغ النشر وتشترط أن تختار ما تشاء من العناوين الكثيرة كونها مضمونة التسويق والنفاد والتصريف.