انتشرت في الفترة الأخيرة أنشطة تجارة العملات (الفوركس)، والفوركس هو اختصار لصرف العملات الأجنبية عن طريق الاستثمار أو المضاربة على سعر الصرف أو سعر العملة الوطنية لأي دولة في العالم، ويتم التداول عليها 24 ساعة في اليوم خلال 5 أيام في الأسبوع، وأساسيات الفوركس تقوم بشراء عملة دولة ما عندما يكون سعرها منخفضا وبيعها عندما يصبح سعرها عاليا للحصول على الربح. وعادة يحمل الفوركس مخاطر كبيرة بالنسبة للمستثمرين والمضاربين، خاصة الذين ليس لديهم المهارة العالية والأدوات المناسبة والإلمام الصحيح بالسوق، حيث إن التعامل في سوق تداول العملات يعد من أخطر أنواع الاستثمارات المالية، وهي تذكرنا بمشهد شركات توظيف الأموال التي تسببت في خسائر كبيرة لآلاف المواطنين والاقتصاد الوطني خلال السنوات الماضية، علما بأن هذه الشركات غير مرخص لها في المملكة حتى الآن وهي تدار من خارج المملكة في الغالب، لذا يعتبر التعامل مع شركات الفوركس خطير جدا، وتشير التقديرات بأن حجم الأموال التي تم سحبها من المواطنين السعوديين 5 بلايين دولار، وهي مبالغ كبيرة خرجت من السوق السعودي. وتقوم هذه الشركات بالتعاقد مع الأفراد بمبالغ تبدأ بألف دولار كحد أدنى تحول على حسابات مركزية لهذه الشركات في بنوك خارجية بدعوى استثمارها في سوق العملات الدولية وتحقيق عوائد لا تقل عن 40 %. وتتخفى هذه الشركات في شكل مكاتب للاستشارات المالية، حيث تحظر الأنظمة المالية الترخيص بنشاط «الفوركس» في المملكة، وبالتالي لا توجد أي مكاتب لها في المملكة وبالتالي تصل هذه الشركات لعملائها عبر وسائل الاتصال الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي والاتصال عبر الجوالات، وتتميز هذه الشركات بقدرتها العالية على الإقناع والتحايل على الأفراد، وتستهدف الأفراد الذين لا يملكون خبرة في سوق البورصة ويرغبون في الثراء السريع، علما بأن شركات الاستثمار تبحث عن مصلحتها في تحقيق الربح فقط وتضع جميع المخاطر على العميل، ومتى كان السوق في صالح العميل فهي تغريه بتوسيع مركزه الاستثماري لتحصيل مزيد من العمولات، أما إذا ما عكس السوق اتجاهه وبدأ في تقليص هامش المتاجرة وانخفاضه عن النسبة المحددة سلفا، فتقوم بتصفية مركز العميل دون الرجوع إليه اعتمادا على اتفاقية المتاجرة بالعملات التي تعطي الشركة الحق في حفظ حقوقها من خلال التصفية الفورية، لذا فإن التداول في هذا النوع من الأسواق تحتوي على نسبة عالية من المخاطر التي قد تتسبب في ضياع الأموال وفقدانها في غمضة عين، علما بأن سوق الفوركس يعد من أكثر الأسواق تقلبا على مستوى العالم وتأثرا بالعوامل الاقتصادية والجيوسياسية. وهناك العديد من الأسباب وراء ارتفاع نشاط هذه الشركات في المملكة منها : وجود سيولة مالية كبيرة في ايدي بعض الأفراد والمتعطشين للثراء السريع. عدم توفر المعرفة والوعي الكافي للأفراد مما يعني دخولهم في أسواق خطرة قد تقضي على رؤوس أموالهم في أيام معدودة. استغلال هذه الشركات للمستثمرين الأفراد غير المختصين وإغراؤهم بأرباح كبيرة والتي قد تتجاوز 40 %. عدم وجود جهة رقابية معتمدة تراقب هذه الشركات بسبب عدم وجود تراخيص لها في المملكة. لذا من الواجب على الجهات المعنية والمختصين في الاقتصاد ووسائل الإعلام تحذير جميع المستثمرين الأفراد غير المختصين بعدم الانجراف خلف هذه الاستثمارات، لما تنطوي عليه من مخاطر عالية قد تتسبب بفقدان كامل رأس المال خلال لحظات معدودة. ( * ) عضو جمعية الاقتصاد السعودية